يروي عبد الرحمن الأبنودي حكاية لقائه الأول بيحيى الطاهر عبدالله، فيقول: ذات صباح شتائي، دلف إلى مكتبي بمحكمة قنا الشرعية شاب نحيل الجسم، ضعيف البنية، قلق النظرات، كأن به مساً، وقال في اعتداد وعظمة:
- هل أنت عبد الرحمن الأبنودي؟ أنا يحيى الطاهر عبدالله. من كرنك الأقصر. جئت للتعرف عليكما، أنت وأمل دنقل.
أغلقت الدوسيهات التي أمامي، يواصل الأبنودي سرد قصته، وقلت له:
- إذن هيا بنا..
"في ذلك اليوم، مضينا إلى منزل الشيخ الأبنودي، ولم أكن أعلم أن يحيى الطاهر عبد الله لن يغادر هذا البيت إلا بعد ثلاث سنوات؛ منذ أول يوم أصبح فرداً من أفراد العائلة، ينادي أمي (أمّه)، ويتعامل مع الشيخ الأبنودي كأنه والده، وسلبني كل أخوتي".
تؤرخ حكاية الأبنودي هذه لانتقال الكاتب الشاب "الطاهر" (واسمه الأول على ما أعتقد عبد الفتاح) من كرنك الأقصر إلى مركز المحافظة حينها "قنا"، ولقائه بنجمي الأدب: العامية الأبنودى نفسه، والفصحى أمل دنقل، ورحلة الصداقة الطويلة الممتدة التي جمعت بينهم.
وهي الرحلة التي شابها انقطاع قصير، ففي العام الثاني من الستينيات انتقل الأبنودى إلى القاهرة، وانتقل أمل دنقل إلى الإسكندرية، بينما بقي الطاهر مقيماً مع أسرة الأبنودى في قنا مدة عامين، إلى أن انتقل إلى القاهرة وأقام مع الأبنودي في شقة بحي بولاق الدكروري، حيث كتب بقية قصص مجموعته الأولى "ثلاث شجرات كبيرة تثمر برتقالاً"، التي تشبه ذروة إنتاج كاتب كبير، يودع الدنيا بأهم إنجازاته.
وهذه الحكاية، التي يرويها الأبنودي، تتضمن وصفاً غنياً لشخصية يحيى الطاهر عبد الله، ولكنها تجد أهميتها، كذلك، من كونها تثير سؤالاً يتعلق بالبدايات، وتؤشر إجابته على الخيارات الأدبية. والسؤال هو: لِـمَ رمى يحيى الطاهر عبد الله كل حياته السلسة في كرنك الأقصر، وسعى إلى "قنا" ليتعرّف على الأبنودي ودنقل؟ ومن أين له هذه الثقة اليقينية بأنهما يخصانه بالذات؟ ولِـمَ قرر مسبقاً أنهما من طينته الأدبية والإنسانية، حتماً؟
لا تبدو الإجابة عن هذا السؤال صعبة؛ فالثلاثة من أطراف أطراف مصر، من طينة الفلاحين، ويحملون طموحات عامة في الانضمام إلى الشريحة الاجتماعية المبدعة الأوسع في مصر، والأكثر تقديراً حينها: الطبقة الوسطى.
والثلاثة ولدوا لآباء معممين، أثروا بهم، ومنحوهم طموحاً مشتركاً: الانتقال بالكلام من الاستخدام الاجتماعي إلى التعبير الثقافي. ويتوجب علينا أن ننتبه اليوم إلى أن هؤلاء المعممين الثلاثة لم يورثوا أبنائهم نزوعاً فقهياً، ولا طموحاً دينياً، ولا إيمانيات غيبية، كما يفعل أمثالهم اليوم. وهذا مفهوم لأن الدراسات الدينية حينها، كانت هي العلوم المتاحة، وكان الأزهري مثقفاً قبل أن يكون متديناً أو رجل دين.
ولم يكن العرب قد دخلوا، بعد، العصر الرأسمالي الذي خلق "رجال دين" في صيغة كهنوت ظلامي كهوفي قروسطوي، في واقع تستحي منه بعض الدول العربية لدرجة أنها تعمم على وسائل إعلامها أن لا تستخدم هذا التعبير وتستبدله بتعبير "علماء دين".
والإجابة على هذا السؤال واضحة، لأن يحيى الطاهر عبد الله كان شغوفاً بكتابات العقاد والمازني، وكان الأبنودى مهتماً بالموروث الشعبي العامي، أما دنقل فوجه اهتمامه إلى الموروث العربي الفصيح. وهذه تركيبة كونت أضلاع مثلث إبداع مهم في مصر: الشعر الفصيح الذي يمثله دنقل، والشعر العامي ويمثله الأبنودي، والقصة التي يمثلها يحيى الطاهر عبد الله.
ولهذا المثلث زوايا حادة هي: أولاً؛ علاقة خاصة باللغة العربية وثقافتها، فهم أبناء عصر لم يعش الحيرة المرضية حول الهوية المصرية وعلاقتها بالهوية والثقافة العربية، وكانت حجتهم بديهية: إن كان التاريخ يخدع، فالجغرافيا لا تكذب.
وثانياً؛ حالة اشباع ايجابية بالتراث بمفهومه الواسع العام والخاص، المحلي والعربي، وكانوا بالتالي على صلة قوية بمصادرهم الثقافية الأصلية، خلافاً لما هو سائد في الواقع الأدبي، حيث يترجم الأدباء أنفسهم وتجاربهم عن لغات أخرى، ويحاولون أن ينبتوا فروعاً لجذور مصدر ثقافي أجنبي، هو غربي على الأغلب. وثالثاً؛ انفعال حميم بالواقع العربي، فقد كان لكل منهم نزيفه المعاصر الخاص المتصل بالواقع العام.
ومن هنا، بتخصيص الحديث عن يحيى الطاهر عبد الله، وتجربته المتميزة التي اختار إطارها الخاص بوضوح حينما اختار بوعي أصدقاءه (عبد الرحمن الأبنودي وأمل دنقل)، فإنه الإشارة إلى أشياء جوهرية تخص "الطاهر": تقنية الشفاهة التي تعامل معها، وانحيازه غير المسبوق للقصة، والصلة بالماضي (التراث)، والاقتحامية الجريئة في التعامل مع الواقع المعاصر وناسه وقضاياه.
في الأولى؛ ارتكز على الموروث الشفاهى، وكان نابهةً رأى فيه ما لم يره أحد قبله من تقنيات أصيله، واكتشف فيه أسلوباً معاصراً يفوح بمصر وتراثها العربي وبإرث معابدها الفرعونية القديمة في مزيج سحري.
وكان يحيى الطاهر عبد الله، الذي يدهش سامعيه بإلقائه قصصه من الذاكرة دونما اعتماد على النص المكتوب، يرى في ذلك محاولة لتقريب المسافة بين كاتب القصة والرواة الشعبيين. وهو في الحقيقة أدرك مشكلة الشعر العربي المعاصر، المقطوع عن مصادره وفاقد التواصل المباشر مع جمهوره، وتحوط منها بما يتعلق بالقصة.
لقد عكست موهبته الاستثنائية في الشفاهة خياراته الجمالية، وأمدته بالإحساس الكافي ليدرك أن القصة تملك مقومات تواصل أفضل مع الجمهور الذي غادر من وقت "سوق عكاظ"، وباتت حياته موزعة بين عمله بـ"الغيط" وجلسة العشاء في المساء، وسهرة الشاي.
وفي الثانية؛ كان يحيى الطاهر عبد الله يعتز بالقصة، إلى درجة إنه أصرّ على أن يُكتب في بطاقته الشخصية، في خانة المهنة: "كاتب قصة"، بل علينا أن ننتبه في حالته إلى ذلك الوعي الذي يتحدث عن النوع الأدبي، القصة، ولا يغرق بتفاصيل حجمها، قصيرة، متوسطة، أو طويلة.
وبرغم كل ذلك، وقع هنا التباس مزدوج، فقد تم وصف موهبته الأدبية غير المعهودة بأنها تقترب من روح الشعر، كما فعل يوسف ادريس الذي وصفه بـ"شاعر القصة". ربما لأنه كان يحفظ نصوصه ويقصها من الذاكرة، وهي ميزة ارتبطت عربياً بالشعر؛ والوجه الآخر للإلتباس أن بعض أعماله توصف بأنها روايات لطولها.
بينما في الحقيقة لا علاقة للكاتب أو أدبه بالشعر، ولا صلة له بالرواية، وكل ما كتبه هو القصة بألوانها: القصيرة والمتوسطة والطويلة، بكل ممكناتها الحكائية والروائية. وليست مشكلته أن الواقع الثقافي، ومنه عقله النقدي، لا يستطيع أن يرى في القصة ممكناتها المتعددة، ومنها الممكنات الروائية، ويرى في "التهمة" الروائية شرفاً ما بعده شرف!
وانحياز يحيى الطاهر عبد الله لفن القصة لم يكن عرضياً، ولا قلة افتتان بالرواية؛ ولكنه خيار حتمه صدقه مع نفسه، وطبيعته المندفعة وراء قناعاته التي لا تقبل الكذب، وتصر على أن "الحقائق القديمة صالحة لإثارة الدهشة"؛ وهنا، هو يؤكد على هويته، فيقول في حديث نادر: "أنا ابن القرية، وسأظل؛ فتجربتى كلها فى القرية. وبالنسبة لي القرية حياة قائمة. وعندما ابتعد عن قريتي، أسعى إليها فى المدينة، وأبحث عن أهلى، وأقربائي. ناسي الذين يعيشون معي".
وبالمحصلة البسيطة، إذا كانت الرواية هي "ملحمة البرجوازية"، فإن القصة هي فن المجتمعات التي تختزن في نفسها أفضل ما كان موجوداً في نهايات القرن التاسع عشر، وعوالم الأرياف، في مصر وعالمنا العربي، والطبقة الوسطى في أوروبا. ولا يغير من الأمر شيئاً أن الطبقة الوسطى، بنزوعها إلى تحسين ظروفها تلجأ عادة إلى الخيانة الطبقية، وتحديداً من بوابة الوعي والإبداع، تعمي الرواية بصرها، تماماً كما تسحرها المدينة البرجوازية، بنموذجها الغربي!
وفي الثالثة؛ سجل يحيى الطاهر عبد الله بطريقته الخاصة، كما في كل شيء، فهمه الخاص للتراث؛ وهذا تجسد بالتمسك باللغة العربية بكل قوتها الطيعة على قلمه، فنفث فيها روحاً مصرية لا تخطؤها العين، وأمسك بتلابيب الموروث الشعبي العامي واستخدم تقنياته بسلاسة مدهشة تجعل منه عصرياً إلى حد غير متوقع، بينما تشبث بمصر القديمة بنسخة "طيبة"، بكل معابدها، وموروثها وأساطيرها.
وهنا، هل نستغرب ثقة يحيى الطاهر عبد الله بما يفعل حينما وقف أمام كاتب محكمة قنا عبد الرحمن الأبنودي، وقال له: "هل أنت عبد الرحمن الأبنودي؟ أنا يحيى الطاهر عبد الله من كرنك الأقصر، جئت للتعرف عليكما أنت وأمل دنقل". وهل نفهم لماذا بحث عن هذين، بالذات، واختارهما لصداقة العمر.
من الواضح أن قرار يحيى الطاهر عبد الله بالصداقة مع الأديبين، تترجم عملياً في قرار ثانٍ منهما، هما، مد علاقتهما الثنائية، ببعضهما بعضاً، وبيحيى، إلى آخر العمر. ومن الواضح، أيضاً، أن الله لم يشأ أن يكون له قرار آخر بهذا الشأن يخالف قرار الشاب القاص الصعيدي!
يبقى القول، إن الاقتحامية الجريئة جعلت يحيى الطاهر عبد الله أبعد ما يكون عن الدونية التي تقبل بالرعايات السائدة ذلك الحين. وبدلاً من أن يكون تلميذاً ليوسف إدريس أو يحيى حقي أو غيرهما، كان كان بكتابته أجرأ نقد لهما ولأدبهما؛ ولهذا يبدو شاباً مهتاجاً، كما تصوره أقلام الأعلام الذي حاولوا وضعه تحت أجنحتهم، أو حتى بنظر من عايشه من مجايليه.
وها هو يحيى حقي يهتف مذعوراً حينما يستذكره، فيقول: جسم نحيل متقد، وعينان براقتان، وكلام مهتاج. بالله، ماذا نستطيع أن نفعل بهذا الشاب الذى لا يريد أن يفعل شيئاً سوى أن يكتب اسمه بالقصة؟
توفي يحيى الطاهر عبد الله فى حادث سير بينما كان عائداً من الواحات إلى القاهرة، في التاسع من أبريل عام 1981، وهو اليوم الذي يصادف ذكرى مجزرة دير ياسين، التي تخص شعباً اختلف يحيى الطاهر عبد الله عن غيره بنزوع للتعامل معه مباشرة، لا حصراً عبر قضيته، فكتب قصة "الفلسطيني" في مجموعة "الرقصة المباحة".
مات قبل أن يكمل عامه الثالث والأربعين بأيام، ورثاه صديقاه؛ كتب له عبد الرحمن الأبنودى "عدودة تحت نعش يحيى الطاهر عبد الله"، وفيها يقول: "يا يحيى، يا عجبان، يا فصيح.. يـا رقـصـة، يا زغروتة. اتـمـكن الموت من الريح.. وفـرغـت الـحـدوتـة". وتبلغ أقصى الألم "عدودة" الأبنودي، الذي سيضحك ساعة بعد سنتين مع أمل دنقل في المشفى قبل أن يموت في حضوره، حيمنا يقول بعدودته مخاطباً يحيى: "خـانـتـنى فيك الدقايق"..
دقائق فقط، هي كل ما يلزم ليخسر صاحب عمر مديد، أهم صديق!
أما أمل دنقل، الذي كان يتم العام الأول في المشفى، متعالجاً من السرطان، فيبكي صديقه مستذكراً طفلة الراحل، ويقوده ذلك إلى كتابة "الجنوبي" على مدار سنتين، ويقول: "ليت أسماء تعرف أن أباها صعد. لم يمت. هل يموت الذى كان (يحيى)، كأن الحياة أبدْ؟ وكأن الشراب ما نفدْ؟ وكأن البنات الجميلات يمشين فوق الزَّبَدْ؟ عاش منتصباً، بينما ينحني القلب يبحث عمّا فَقَدْ! ليت "أسماء" تعرف أن أباها صعد. حفظ الحب والأصدقاء تصاويره، وهو يضحك، وهو يفكر، وهو يفتش عما يقيم الأود! ليت "أسماء" تعرف أن البنات الجميلات خبأنه بين أوراقهن، وعلمنه أن يسير، ولا يلتقي بأحد!".
لا بد أن أسماء تعرف اليوم، قولة أمل دنقل، وما قصد!
المسألة في أن حادث السير الذي أودى بحياة يحيى الطاهر عبد الله، لم يود بحياته فقط، بل أوقف السير الذي كان يقود مصر لا محالة نحو الحقيقة، وجعلها رهينة "شطارات إعلامية" وفبركات سياسية، تزدهر لليوم. وهذا يفرض علينا استذكار حالة مشابهة في اقتحاميتها وحساسيتها الفائقة، ودورها بالغ الأهمية. أعني: نجيب سرور؛ ولكن خيال نجيب سرور المبدع نسج له نهاية تراجيدية أقل من شجاعته وفطنته، فكسر في الأثناء، دون قصد، إشارة مرور واضحة كان من شأنها أن تنبه سائق الأجرة الذي قاد بـ"يحيى" عائداً إلى القاهرة من الوحات، وكان يمكن لـ"يحيى" أن يعيش عمراً أطول!
لطالما احتاجت مصر لإنسان حقيقي، إذ لا تنقذها إلا الحقيقة.
ولكن الذي ضاع في الأثناء ليس مصر، بل شيء ما حقيقي في الثقافة العربية. وبالتحديد، فإن الانعطافة المجنونة لنجيب سرور التي أدت إلى موته، وقادت إلى موت يحيى الطاهر عبدالله المأساوي في عرضيته، الذي جرّ بدوره أمل دنقل للتسليم بالقدر، وتالياً إلى استسلام عبدالرحمن الأبنودي للدولة كقدر يحدده أشخاص متنفذون، انتصرت الثقافة الساداتية بصيغتها الـ"مباركـ"ـية، وأصبحت الكتابة المصرية، إما مسلسلات تلفزيونية، وإما شطحات أمية تحت بند اللغة المحكية.
وبالطبع، لا أحد يغفل أو يغمط القيمة الثقافية للمحكية المصرية. ولعل كل من سبق ذكرهم، بكل التبجيل الوارد، هم أدلة على تقدير واعتبار هذه القيمة، التي على أحد ما، في يوم ما، أن يخص دورها الريادي في الثقافة العربية بحديث منصف.
في الحالات الأكثر ابداعاً، ذهبت الكتابة المصرية إلى التطرف والإفراط في الولع اللغوي، الذي يُخرج الأديب ليس فقط من الواقع، ولكن أيضاً من هواجس الفكرة الأدبية (إدوارد الخراط)، أو إلى الاندفاع المبرمج إلى ذلك الاستجداء الذليل للتراث في محاولة متزلفة للتجريب والتجديد والبحث عن "أصالة" حائرة (جمال الغيطاني)، وسيكون في هذه الحالة على بهاء طاهر أن يرضى بسنوات من البعاد عن مصر، ثم يتوه بعد عودته في حاضره خلال بحثه عن الحقيقة التي يعرفها.
وسنرى يوسف القعيد ينطفئ مثل عود كبريت. أما البقية ممن يعتد بهم (إبراهيم أصلان وآخرون)، فسيكون عليهم يواجهوا حقيقة أن الماكينة الثقافية والاعلامية المصرية عزفت عن خدمتهم، وتركتهم يعيشون عيشة الكاتب المحلي المغمور!
ما زال يحيى الطاهر عبد الله حقيقة أدبية غير مستنفدة، يمكنها أن تنقذ المشهد الإبداعي من لوثة الرواية المزيفة، التي اجتاحت المشهد الثقافي، وحولت الكتاب إلى مدبجين يتبارون في سماكة الكتب وعدد العناوين. وهو لليوم القاص الأكثر أهمية في عدة مجالات، إبداعيته في القصة، ومأثرته في تقديم قصة عربية خالصة، مدججة بصلتها بالمصادر الثقافية المحلية، وفي خياره أن مصر لا تحتاج إلى الهرب بخصوصيتها بعيداً عن الثقافة العربية، بل بأحقية مخزونها الثقافي في ري العروق العربية الناشفة.
تستهويني للغاية رواية الأبنودي حول لقائه الأول بيحيى الطاهر عبد الله، التي يقول في ختامها "منذ أول يوم أصبح فرداً من أفراد العائلة ينادي أمي (أمّه) ويتعامل مع الشيخ الأبنودي كأنه والده، وسلبني كل أخوتي. وكان أينما يذهب تمشي الشجارات بين قدميه".
فأتساءل اليوم، بعد ثلاثة عقود من موته: ترى، مع من يتشاجر يحيى الآن؟
* كاتب قصة من الأردن
______________
هامش: ترك يحيى الطاهر عبد الله وراءه العديد من الأعمال، هي: "ثلاث شجيرات تثمر برتقالا" 1970. "الدف والصندوق" 1974. "الطوق والأسورة" 1975. "أنا وهي وزهور العالم" 1977. "الحقائق القديمة صالحة لإثارة الدهشة" 1977. "حكايات للأمير حتى ينام" 1978. "تصاوير من التراب والماء والشمس" 1981. "حكاية على لسان كلب" و"الرقصة المباحة"، والمجموعتان الأخيرتان نشرتا بعد وفاته في الأعمال الكاملة الصادرة عن دار المستقبل العربي. قدم المخرج خيري بشارة قصته الطويلة "الطوق والأسوارة" في فيلم يعد، لليوم، واحداً من أيقونات السينما المصرية. ويذكر أنه لم يكتب عنه شيء في حياته، وحتى الحوار الصحفي اليتيم الذي أجري معه نشر بعد موته.