19 ابريل 2021
يمين جديد صاعد... وداعاً للحرية
تتصاعد أمواج يمينٍ جديد في كل مكان من أوروبا، ويقترب ممثلوه من الوصول إلى السلطة في عديدٍ من بلدانها، بما في ذلك الأكثر مدنيةً وديمقراطيةً وعلمانيةً كالنمسا، حيث سقط مرشحه في انتخابات الأولى الرئاسية، بفارق أصوات قليلة تعد بالمئات، بينما نال حزب الجبهة الوطنية الفرنسي، في أحدث انتخابات بلدية، أصواتاً توازي تقريباً ما ناله الحزبان العريقان والتاريخيان: الاشتراكي والديغولي مجتمعيْن، وسط حيرة قياداتهما في طريقة وقف تدهورهما التنظيمي والعددي، وهلاكهما السياسي، وتجاوز فشلهما في التصدّي لمشكلاتٍ هيكليةٍ يواجهها مجتمعهما المتقدّم صناعياً، لم يجدا، إلى اللحظة، ما يعينه على تخطيها أو تلطيف حدّتها، وكبح زخم اليمين المتطرّف، الصاعد بسرعةٍ صاروخيةٍ لأسبابٍ بينها العون الذي يتلقاه من الإرهابيين الذين يقتلون الناس فرادى وجماعاتٍ، حتى لم يبق بلد أوروبي واحد إلا ويعيش اليمين الجديد فيه حالاً من الصعود على مستوى تنظيمه الذاتي، ودوره السياسي، وعلى صعيد علاقاته مع الشارع والرأي العام. لذلك، يبدو كأن أوروبا نسيت تماماً ما سبق لها أن عرفته من رعبٍ ودمار على يد النازية والفاشية والفرنكوية والفيشية، أو كأنها تتناسى ما أطلقته هذه القوى من حروبٍ أوصلتها إلى الحضيض، خلال عقد ونصف العقد، في ألمانيا، وأكثر من ذلك بقليل في إيطاليا.
ينتعش اليمين الجديد، ويكاد يصير رداً أوروبياً عاماً على تحدّياتٍ تواجه القارة العجوز، فشلت الأحزاب التاريخية، الاجتماعية/ الاشتراكية، والوطنية/ القومية، والمسيحية/ الاجتماعية، في مواجهتها، على الرغم مما انتهجته، في العقود الأخيرة، من سياساتٍ يمينيةٍ، راعت مصالح رأس المال على حساب مجتمع العمل والطبقة الوسطى. واليوم، تواجه حكوماتها مخاطر تعصف بكياناتها كدول ديمقراطية، عبر تقويض أمنها، أنتجتها ظاهرتان مركّبتان، هما:
تخلّق وصعود يمين مذهبي على طرف المتوسط الآخر، بما يضمره صعوده من صراعٍ ديني محتمل، داخل بلداننا العربية والإسلامية وفي محيطها الخارجي، القريب والبعيد، وما ينضوي فيه من عنفٍ مسلحٍ وعدوانيةٍ شاملةٍ، ترفض القيم التي تبلورت في أوروبا، وأنتجت حياتها العامة، وما بلغته من تقدّمٍ يواجه اليوم تهديداً داخلياً، يتلازم مع ما سبق شرحه من عجز (وقصور) أحزابها الحاكمة التي لا تجد بين وسائلها المدنية والديمقراطية/ القانونية ما تصدّ به مخاطر تحيق بنمط عيشها الحر، بينما يتصاعد خارجها تهديدٌ يرجع إلى سياسات الولايات المتحدة التي تعامل التحدّي الإرهابي بطرق بوليسية/ أمنية، تتجاهل طابعه الكوني المتزايد الانتشار والفاعلية الذي لم تنفع معه، إلى اليوم، سياسات البلدان الغربية، والدليل أن الحرب ضد القاعدة لم تفضِ إلى القضاء على الظاهرة الأصولية/ الجهادية/ الإرهابية، وإنما دفعتها إلى تطوير تنظيماتها وتكثيف جهدها الأيديولوجي/ التعبوي، وأنشطتها السياسية/ العسكرية، التي بلغت مستوىً من التوحش على يد "داعش"، يستحيل قهره والتغلب عليه، بما تمتلكه الدول الديمقراطية من قوانين ونظم رقابة وضبط راهنة وشرطة. بما أن أوروبا الموحدة لم تحسن وضع بلدانها المختلفة في الصراع ضد الخطر، يرى اليمين الأوروبي الجديد أن الرد لا بد أن يكون متشعباً، وأن يقوم على ما يلي:
ـ تنظيمات تحشيدية تقاد بيدٍ من حديد وزعامة كاريزمية، تمتلك قدرةً رفيعة على تعبئة رأي عام شعبوي وتنظيمه، تتخلى معها عن أسلوب الإدارة الديمقراطي الذي تنتهجه القوى الحاكمة التي أنتجها "زمن بورجوازي" صار من الماضي. تشبه هذه التنظيمات، في بعض جوانبها، الأحزاب الفاشية في علاقاتها بـ "الجماهير"، وتستخدم مثلها أيديولوجيا وطنية/ عنصرية المضمون، متشدّدة ومعادية مذهبياً للآخر، تعمل بآليات تأثير ودمج شبه دينية، تستعين في تفعيل مجتمعاتها باليمين الكنسي، وبأشكال جمعية ما قبل حديثة، ذات قدراتٍ دمجيةٍ رفيعة، كما تستعين بأطراف وتيارات ما قبل سياسية، يعزّز دورها تأثيرها عند مستوى القاع الاجتماعي، حيث تتحد قدراتها مع قدرات حملة عقائد ومذاهب ما قبل مسيحية، وقدرات قطاعاتٍ شديدة الانغلاق والتعصب في الكنيسة، بما هما جهتان تمتلكان قدراتٍ تعبويةٍ، مارستاها دوماً على صعيد عقائدي/ ديني، ستمس الحاجة إليه خلال معركةٍ تحمل عناصر ومكونات مذهبية/ عنصرية، تعادي النظام الديمقراطي داخل أوروبا، وتنظيمات الإسلام الجهادي خارجها.
ـ يتبنى اليمين الأوروبي الجديد سياساتٍ حمائيةً، ترفض المفاهيم والأوضاع العابرة للأمم والأعراق، كمفهوم أوروبا الموحدة. ويتطلع إلى إضفاء طابع ما قبل برجوازي، وبالتالي، مغلق ومحلي على أوضاع وطنية وأموية عرقية المحتوى، ومعادية للقومية، تعيد هويته الإيمانية المؤدلجة والمعادية للآخر، ولفكرة المساواة ومبدئها، إنتاج المسيحية ديناً كونياً بدلالة مذاهب قبلية وشعبوية سابقة لها، نافيةً كونيتها وإنسانيتها، وظيفتها تصليب الكيانات السياسية والدولوية على أسس دمجية عنصرية التوجه، تلعب دوراً وازناً فيها قيم وعواطف معادية للعقلانية، تتأسطر معها وثنياً هوية كل جماعة، وتبطل ما يحمله سلوكها من تسامح، هو في نظرها أحد أمراض عصر التنوير الذي يجب أن يحل محله عصرٌ يشبه ما عرفته صراعات الكاثوليك والبروتستانت وحروبهم المذهبية، من تعصبٍ لا يقبل الآخر تحت أي شكل، على أن يسهم إحياؤه في بعث روح أصنافية ما قبل برجوازية، تنمي عصبويةً ضيقةً وعنيفة في مجتمعاتها، وتشكل رتاجات حماية لكيانات حاكمة ما قبل أوروبية/ ما دون ديمقراطية. هل يفسر هذا لماذا رحّب اليمين الجديد، في كل مكان من أوروبا، بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وأراد أن يحذو حذوه؟.
ويدعو اليمين الأوروبي الجديد إلى الابتعاد عن الاستراتيجيات العابرة للهويات المحلية، وإرساء العلاقات الدولية على أسسٍ، يترجمها كل بلد بطرقه الخاصة التي يجب أن تقوم على فكرةٍ جوهريةٍ، هي أن الصراع الدولي لم يعد صراع مصالح ودول، بل هو صراع حضارات عابر للدولة القومية، دولة الأمة، مذهبي المضامين والأشكال، صار محوره بعد إسقاط الاتحاد السوفييتي الصراع بين الإسلام كارهاب والديمقراطية، ولأن الأخيرة فشلت في ردع الإرهاب، فإن الصراع مرشحٌ لأن يكون أكثر فأكثر صراعاً بين عالمين متنافيين، ودينين فقد الإسلامي منهما نزعته الإنسانية الأصلية، وتحول إلى أيديولوجية تحشيدية جهادية، ستفشل المسيحية الأصلية بنزعتها الإنسانية في مواجهتها. ومن الضروري شحنها بعناصر وثنيةٍ، محورها تحصين الذات مذهبياً، ومنع المسلمين من دخول أوروبا، وإخراج من دخل منهم إليها، ونقل الحرب إلى بلدانهم، بقيادة أميركا التي يفضل أن يحكمها، من الآن فصاعدا، دونالد ترامب ومن يشبهونه.
تقف أوروبا، كما نقف نحن، أمام خطرٍ من نمط جديد وداهم، تعبيره الأول تنظيمات التطرّف المذهبي التي تتنامى عندنا باسم الإسلام، والثاني اليمين الأوروبي الجديد، الذي ينمو في كل مكانٍ توازي سرعة نمو اليمين الإرهابي عندنا، فإن انتصرت التنظيمات المذهبية عندنا، والأصنافية/ الفاشية عندهم، دخل العالم كله، ودخلنا معه، في صراعاتٍ كونية مغايرة أي شيء عرفناه منذ نهاية العصر الوسيط. فهل ننتظر حدوث ذلك على جانبي المتوسط، أم نبادر إلى التصدّي لتنظيماتنا المذهبية بالحرية والديمقراطية، وبكل ما لدينا من قدراتٍ وإمكاناتٍ إنسانية، كي لا يقع هناك أيضاً، ما يقوّض كل ما حققوه على الصعيد الإنساني/ الديمقراطي، ويتحوّلوا بدورهم إلى وحوشٍ لن ننجو نحن، أو هم، من معادلها المذهبي/ العنفي في بلداننا وبلدانهم.
يتيح لنا هذا التحدي المزدوج خياراتٍ استراتيجية، منها تحولنا إلى حلفاء لقوى أوروبا الديمقراطية، في معركتنا المشتركة ضد يميننا "الجهادي" ويمينهم العنصري/ الفاشي، والتي لا بد أن ندافع خلالها عن قيم الأنوار، كالعدالة والمساواة والمواطنة وحقوق الإنسان، وحريات جميع البشر.
تتحوّل المعركة ضد اليمين الإرهابي/ الجهادي عندنا، واليمين العنصري الفاشي في أوروبا، إلي حقل صراع يوحّدنا، أول مرة في التاريخ، ضد خطر مشترك، يهدّد ما أنجزوه في بلدانهم، وما ثرنا من أجل تحقيقه في بلداننا من حريةٍ وديمقراطية، آخدين بالاعتبار أن صعود اليمين الأوروبي يحمل قدراً من التهديد لوجودنا، لا يقلّ إطلاقاً عن ما يحمله اليمين الإرهابي لوجودهم.
هل ننتقل، في هذه المسألة التي تتخطى السياسة، وتعبر جميع الحدود، من الأقوال إلى الأفعال، قبل أن يقع ما لا تحمد عقباه، ونندم حين لن يفيدنا ويفيدهم ندم؟
(كاتب سوري)
تخلّق وصعود يمين مذهبي على طرف المتوسط الآخر، بما يضمره صعوده من صراعٍ ديني محتمل، داخل بلداننا العربية والإسلامية وفي محيطها الخارجي، القريب والبعيد، وما ينضوي فيه من عنفٍ مسلحٍ وعدوانيةٍ شاملةٍ، ترفض القيم التي تبلورت في أوروبا، وأنتجت حياتها العامة، وما بلغته من تقدّمٍ يواجه اليوم تهديداً داخلياً، يتلازم مع ما سبق شرحه من عجز (وقصور) أحزابها الحاكمة التي لا تجد بين وسائلها المدنية والديمقراطية/ القانونية ما تصدّ به مخاطر تحيق بنمط عيشها الحر، بينما يتصاعد خارجها تهديدٌ يرجع إلى سياسات الولايات المتحدة التي تعامل التحدّي الإرهابي بطرق بوليسية/ أمنية، تتجاهل طابعه الكوني المتزايد الانتشار والفاعلية الذي لم تنفع معه، إلى اليوم، سياسات البلدان الغربية، والدليل أن الحرب ضد القاعدة لم تفضِ إلى القضاء على الظاهرة الأصولية/ الجهادية/ الإرهابية، وإنما دفعتها إلى تطوير تنظيماتها وتكثيف جهدها الأيديولوجي/ التعبوي، وأنشطتها السياسية/ العسكرية، التي بلغت مستوىً من التوحش على يد "داعش"، يستحيل قهره والتغلب عليه، بما تمتلكه الدول الديمقراطية من قوانين ونظم رقابة وضبط راهنة وشرطة. بما أن أوروبا الموحدة لم تحسن وضع بلدانها المختلفة في الصراع ضد الخطر، يرى اليمين الأوروبي الجديد أن الرد لا بد أن يكون متشعباً، وأن يقوم على ما يلي:
ـ تنظيمات تحشيدية تقاد بيدٍ من حديد وزعامة كاريزمية، تمتلك قدرةً رفيعة على تعبئة رأي عام شعبوي وتنظيمه، تتخلى معها عن أسلوب الإدارة الديمقراطي الذي تنتهجه القوى الحاكمة التي أنتجها "زمن بورجوازي" صار من الماضي. تشبه هذه التنظيمات، في بعض جوانبها، الأحزاب الفاشية في علاقاتها بـ "الجماهير"، وتستخدم مثلها أيديولوجيا وطنية/ عنصرية المضمون، متشدّدة ومعادية مذهبياً للآخر، تعمل بآليات تأثير ودمج شبه دينية، تستعين في تفعيل مجتمعاتها باليمين الكنسي، وبأشكال جمعية ما قبل حديثة، ذات قدراتٍ دمجيةٍ رفيعة، كما تستعين بأطراف وتيارات ما قبل سياسية، يعزّز دورها تأثيرها عند مستوى القاع الاجتماعي، حيث تتحد قدراتها مع قدرات حملة عقائد ومذاهب ما قبل مسيحية، وقدرات قطاعاتٍ شديدة الانغلاق والتعصب في الكنيسة، بما هما جهتان تمتلكان قدراتٍ تعبويةٍ، مارستاها دوماً على صعيد عقائدي/ ديني، ستمس الحاجة إليه خلال معركةٍ تحمل عناصر ومكونات مذهبية/ عنصرية، تعادي النظام الديمقراطي داخل أوروبا، وتنظيمات الإسلام الجهادي خارجها.
ـ يتبنى اليمين الأوروبي الجديد سياساتٍ حمائيةً، ترفض المفاهيم والأوضاع العابرة للأمم والأعراق، كمفهوم أوروبا الموحدة. ويتطلع إلى إضفاء طابع ما قبل برجوازي، وبالتالي، مغلق ومحلي على أوضاع وطنية وأموية عرقية المحتوى، ومعادية للقومية، تعيد هويته الإيمانية المؤدلجة والمعادية للآخر، ولفكرة المساواة ومبدئها، إنتاج المسيحية ديناً كونياً بدلالة مذاهب قبلية وشعبوية سابقة لها، نافيةً كونيتها وإنسانيتها، وظيفتها تصليب الكيانات السياسية والدولوية على أسس دمجية عنصرية التوجه، تلعب دوراً وازناً فيها قيم وعواطف معادية للعقلانية، تتأسطر معها وثنياً هوية كل جماعة، وتبطل ما يحمله سلوكها من تسامح، هو في نظرها أحد أمراض عصر التنوير الذي يجب أن يحل محله عصرٌ يشبه ما عرفته صراعات الكاثوليك والبروتستانت وحروبهم المذهبية، من تعصبٍ لا يقبل الآخر تحت أي شكل، على أن يسهم إحياؤه في بعث روح أصنافية ما قبل برجوازية، تنمي عصبويةً ضيقةً وعنيفة في مجتمعاتها، وتشكل رتاجات حماية لكيانات حاكمة ما قبل أوروبية/ ما دون ديمقراطية. هل يفسر هذا لماذا رحّب اليمين الجديد، في كل مكان من أوروبا، بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وأراد أن يحذو حذوه؟.
ويدعو اليمين الأوروبي الجديد إلى الابتعاد عن الاستراتيجيات العابرة للهويات المحلية، وإرساء العلاقات الدولية على أسسٍ، يترجمها كل بلد بطرقه الخاصة التي يجب أن تقوم على فكرةٍ جوهريةٍ، هي أن الصراع الدولي لم يعد صراع مصالح ودول، بل هو صراع حضارات عابر للدولة القومية، دولة الأمة، مذهبي المضامين والأشكال، صار محوره بعد إسقاط الاتحاد السوفييتي الصراع بين الإسلام كارهاب والديمقراطية، ولأن الأخيرة فشلت في ردع الإرهاب، فإن الصراع مرشحٌ لأن يكون أكثر فأكثر صراعاً بين عالمين متنافيين، ودينين فقد الإسلامي منهما نزعته الإنسانية الأصلية، وتحول إلى أيديولوجية تحشيدية جهادية، ستفشل المسيحية الأصلية بنزعتها الإنسانية في مواجهتها. ومن الضروري شحنها بعناصر وثنيةٍ، محورها تحصين الذات مذهبياً، ومنع المسلمين من دخول أوروبا، وإخراج من دخل منهم إليها، ونقل الحرب إلى بلدانهم، بقيادة أميركا التي يفضل أن يحكمها، من الآن فصاعدا، دونالد ترامب ومن يشبهونه.
تقف أوروبا، كما نقف نحن، أمام خطرٍ من نمط جديد وداهم، تعبيره الأول تنظيمات التطرّف المذهبي التي تتنامى عندنا باسم الإسلام، والثاني اليمين الأوروبي الجديد، الذي ينمو في كل مكانٍ توازي سرعة نمو اليمين الإرهابي عندنا، فإن انتصرت التنظيمات المذهبية عندنا، والأصنافية/ الفاشية عندهم، دخل العالم كله، ودخلنا معه، في صراعاتٍ كونية مغايرة أي شيء عرفناه منذ نهاية العصر الوسيط. فهل ننتظر حدوث ذلك على جانبي المتوسط، أم نبادر إلى التصدّي لتنظيماتنا المذهبية بالحرية والديمقراطية، وبكل ما لدينا من قدراتٍ وإمكاناتٍ إنسانية، كي لا يقع هناك أيضاً، ما يقوّض كل ما حققوه على الصعيد الإنساني/ الديمقراطي، ويتحوّلوا بدورهم إلى وحوشٍ لن ننجو نحن، أو هم، من معادلها المذهبي/ العنفي في بلداننا وبلدانهم.
يتيح لنا هذا التحدي المزدوج خياراتٍ استراتيجية، منها تحولنا إلى حلفاء لقوى أوروبا الديمقراطية، في معركتنا المشتركة ضد يميننا "الجهادي" ويمينهم العنصري/ الفاشي، والتي لا بد أن ندافع خلالها عن قيم الأنوار، كالعدالة والمساواة والمواطنة وحقوق الإنسان، وحريات جميع البشر.
تتحوّل المعركة ضد اليمين الإرهابي/ الجهادي عندنا، واليمين العنصري الفاشي في أوروبا، إلي حقل صراع يوحّدنا، أول مرة في التاريخ، ضد خطر مشترك، يهدّد ما أنجزوه في بلدانهم، وما ثرنا من أجل تحقيقه في بلداننا من حريةٍ وديمقراطية، آخدين بالاعتبار أن صعود اليمين الأوروبي يحمل قدراً من التهديد لوجودنا، لا يقلّ إطلاقاً عن ما يحمله اليمين الإرهابي لوجودهم.
هل ننتقل، في هذه المسألة التي تتخطى السياسة، وتعبر جميع الحدود، من الأقوال إلى الأفعال، قبل أن يقع ما لا تحمد عقباه، ونندم حين لن يفيدنا ويفيدهم ندم؟
(كاتب سوري)