يهود بريطانيا يرفضون الهجرة إلى إسرائيل

17 يناير 2015
بريطانيا تؤكد أنها ما زالت آمنة لليهود (فرانس برس)
+ الخط -

 

ما إن وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يوم الأحد الماضي، في أكبر كنيس يهودي في باريس ودعا يهود فرنسا للهجرة إلى إسرائيل، "وطنهم القومي الآمن"، حتى انضمت المنظمات الصهيونية في أوروبا، بانتهازية مطلقة، الى دعواته وأطلقت حملة مكثفة لتحريض اليهود في أوروبا على الهجرة هرباً من "معاداة السامية" المتنامية في المجتمعات الأوروبية. هذه الدعوات المحمومة أثارت مخاوف وقلق واستياء الكثير من الساسة والمثقفين وحتى رجال الدين اليهودي في بريطانيا، بل إن أغلبية ساحقة من يهود بريطانيا عبّروا عن رفضهم لمزاعم رئيس الوزراء الإسرائيلي واعتبروها مناقضة لواقعهم.

صحيفة "جويش كرونيكل" اليهودية، والتي تصدر صباح كل يوم جمعة في بريطانيا، نشرت في عدد أمس نتائج استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "سيرفيشن" بين اليهود البريطانيين، أظهرت فيه أن 88 في المئة من يهود بريطانيا يرفضون الهجرة على الرغم من الأحداث الإرهابية التي شهدتها فرنسا الأسبوع الماضي، والهجمات التي شهدتها بريطانيا في السنوات الأخيرة.

وكشف الاستطلاع، الذي أجري لصالح صحيفة "جويش كرونيكل"، أن 11 في المئة فقط عبّروا عن تفكيرهم بالهجرة، بينما عبّر 75 في المئة من المشاركين في الاستطلاع عن شعورهم بالأمان في بريطانيا.

نتائج الاستطلاع، الذي وصفته "جويش كرونيكل" بأول اقتراع موثوق يجرى في أوساط الجالية اليهودية في بريطانيا، جاءت متوافقة مع نتائج كشف عنها أكبر استطلاع للرأي أجراه "معهد أبحاث السياسات اليهودية" بين يهود أوروبا حول مسألة "معاداة السامية"، ونشرت نتائجه العام الماضي. وقد كشف ذلك الاستطلاع أن 18 في المئة فقط من يهود بريطانيا فكروا بالهجرة خلال الخمس سنوات الماضية بسبب شعورهم بعدم الامان.

كما جاءت نتائج استطلاع "جويش كرونيكل" لتدحض نتائج استطلاع إلكتروني نشرت نتائجه أمس صحيفة "ديلي تلغراف"، وأجرته "حملة مناهضة معاداة السامية"، وشارك فيه 2230 يهودياً بريطانيّاً (حوالى 1 في المئة من مجموع اليهود في بريطانيا). وقد خلصت نتائج الاستطلاع، التي شكك بها عالم الاجتماع الدكتور كييث هاريس، إلى أن واحداً من كل أربع يهود بريطانيين يفكر بالهجرة بسبب تزايد العداء للسامية في بريطانيا، وأن 45 في المئة من يهود بريطانيا يشعرون أن لا مستقبل لهم في المملكة المتحدة.

رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، وفي ما يبدو وكأنه رد على دعوات رئيس الوزراء الإسرائيلي وتحريض المنظمات الصهيونية ليهود أوروبا على الهجرة الى إسرائيل، كتب مقالاً لصحيفة "جويش كرونيكل"، نشرته أمس الجمعة، اعتبر فيه "الترويج لمقولة بأن اليهود لا يشعرون بالأمان في بريطانيا، تفكير مريض يطعن في القلب كل شيء نؤمن به".

أما الكاتبة المتخصصة في شؤون الديانة اليهودية، لورا جانير ـ كلوزنر، فكتبت رسالة إلى رئيس تحرير صحيفة "التايمز" دعت فيها إلى "كبح جماح الأفكار التي تزعم بأن بريطانيا لم تعد آمنة لليهود". وقالت الكاتبة اليهودية: "نحن نعيش في أفضل الأوقات التي مرت على يهود بريطانيا، وما جاء من نتائج في استطلاع "حملة مناهضة معاداة السامية"، لا يتطابق مع ما أسمعه ممّن أقابلهم كل يوم". وأضافت الكاتبة في رسالتها: "بريطانيا ليست معادية للسامية، والأفكار التي تروج أننا نعيش في أوروبا ثلاثينات القرن الماضي لا مصداقية لها".

من جهته، اعتبر عضو مجلس اللوردات البريطاني، اللورد أندرو فيليبس، أن الترويج لتنامي العداء للسامية في أوروبا، يقوم على خلطٍ متعمّد بين "معاداة السامية" ومعاداة إسرائيل، بهدف إسكات الأصوات المنتقدة لإسرائيل وسياستها العدوانية واحتلالها للأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وحصارها لقطاع غزة. وقال اللورد فيليبس، في رسالة نشرتها أمس صحيفة "اندبندنت": "يشاركني هذا الرأي الكثير من اليهود في إسرائيل وخارجها".

أما المواطنة البريطانية ـ اليهودية، لوسيندا ريز إيفانز، فكتبت في رسالة الى محرر بريد القراء في صحيفة "اندبندنت"، قالت فيها إن هناك خلطاً خاطئاً بين مناهضة الصهيونية ومعاداة السامية، و"إن كانت معادة السامية تؤذي مشاعري كيهودية، إلا أنها لا تمنع معارضتي للصهيونية ورفضي لسياسات إسرائيل". واعتبرت إيفانز أن الخلط بين اليهودية وما تمارسه حكومة بنيامين نتنياهو من إرهاب هو خطأ".