ويرى بعض الوزراء في حكومة بنيامين نتنياهو أنّ هناك من المعطيات ما يدلّ على أنّ الأغلبية الساحقة من اليهود الفرنسيين الذين يفكرون بمغادرة فرنسا لا يفضلون التوجه إلى إسرائيل. ويعبّر وزير التربية والتعليم والشتات اليهودي، نفتالي بنيت، عن هذه المخاوف بشكل واضح، وقد طالب أخيراً بتشكيل لجنة وزارية خاصة تُعنى بتوفير "الظروف المغرية" التي تقنع يهود فرنسا بالهجرة إلى إسرائيل.
وخلال جلسة خاصة عقدتها الكتلة البرلمانية لحزب "البيت اليهودي"، منذ ثلاثة أيام، شدّد بينيت على أنّ الجالية اليهودية في فرنسا تعدّ "ثاني أهم مصدّر للهجرة اليهودية في العالم، ويتوجب استغلال الفرصة والعمل على تهجير كل اليهود من هناك إلى إسرائيل".
وتنقل صحيفة "ميكور ريشون"، في عددها الصادر يوم الخميس الماضي، عن بنيت قوله إنّ إسرائيل مطالبة بتطبيق خطة "طوارئ قوميّة" لإقناع اليهود الفرنسيين بالهجرة إليها. ويلمّح بنيت إلى وجوب استغلال إسرائيل هجمات باريس الأخيرة لإقناع اليهود، قائلاً إن "نافذة فرص فُتحت أمام إسرائيل لتهجير اليهود الفرنسيين، الذين يمتازون بسمات تناسب متطلبات المشروع الصهيوني".
من ناحيته، يقول رئيس رابطة اليهود الفرنسيين، ميخال بن سعدون، إن الخطة التي وضعتها الرابطة بالتعاون مع الحكومة الإسرائيلية والهادفة إلى تهجير 50 ألف يهودي فرنسي في غضون ست سنوات معرّضة للفشل، بسبب القيود البيروقراطية التي تعترض استيعاب اليهود الفرنسيين في إسرائيل. وتنقل صحيفة "ميكور ريشون" عن سعدون قوله إنّ أكبر مشكلة تواجه اليهود الفرنسيين تتمثّل في تعثّر اندماجهم في سوق العمل، ولا سيما أصحاب المؤهلات الأكاديمية من أطباء ومهندسين. ويشير رئيس الرابطة إلى أنّ فشل إسرائيل في استيعاب المهاجرين يفضي إلى ردع اليهود المتبقين في فرنسا عن التفكير بالهجرة إليها.
اقرأ أيضاً إسرائيل تمعن باستغلال جريمة باريس:تحريض يهود أوروبا على الهجرة
إلى جانب المشاكل البيروقراطية، فإنّ حماسة قطاعات مهمة من اليهود الفرنسيين، والذين يبلغ عددهم أكثر من نصف مليون شخص، إزاء الهجرة، تقلّصت بفعل تدهور الأوضاع الأمنية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948. وتنقل الإذاعة العبرية، الخميس الماضي، عن مصادر في السفارة الإسرائيلية في باريس قولها إنّه من الصعب توظيف اعتداءات باريس الأخيرة في إقناع اليهود بالهجرة إلى إسرائيل، في الوقت الذي يشاهد هؤلاء اليهود على شاشات التلفزيون ما يدلّ على أنّ الأوضاع الأمنية هناك ليست أفضل مما هي عليه في فرنسا.
وتشير هذه المصادر إلى أنّ ممثلي الحكومة الإسرائيلية ونشطاء المنظمات اليهودية العاملة في مجال الهجرة يجدون صعوبة في طمأنة اليهود الفرنسيين بأنّ الأوضاع الأمنية في إسرائيل يمكن أن تتحسن، ما يسمح لهم بفتح صفحة جديدة في حياتهم. لكن هناك بعداً آخر يدفع أوساط الحكم اليمينية لتهجير اليهود الفرنسيين خصوصاً. فإلى جانب البعد "القومي"، هناك آخر حزبي مهم يدفع الأحزاب والحركات اليمينية الإسرائيلية للاهتمام بتهجير اليهود الفرنسيين إلى إسرائيل، باعتبار أنّ التوجهات اليمينية المتطرفة لليهود الفرنسيين تحوّلهم إلى احتياط انتخابي للأحزاب اليمينية.
وتذكر صحيفة "معاريف"، أخيراً، أنّ أصوات اليهود المهاجرين من فرنسا في الانتخابات الأخيرة، توزّعت بشكل أساسي على كل من حركة "شاس"، وحزب "البيت اليهودي"، و"الليكود". وما يعكس التوجهات المتطرفة لليهود الفرنسيين، حقيقة أن الشباب اليهودي الفرنسي يحرص بشكل أساسي على التطوع في الخدمة العسكرية ضمن لواء "كفير" (أكبر ألوية المشاة في الجيش)، والذي يتمركز في الضفة الغربية، ويتولى تنفيذ عمليات القمع التي يتعرض لها الفلسطينيون هناك.
اقرأ أيضاً مائة يوم من الهبة الجماهيرية الفلسطينية: انتهاكات وتجاوزات إسرائيلية