حتى اليوم، نجح يوسف آيت علي في تسجيل 12 اختراعاً تهدف غالبيّتها إلى تسهيل حياة الأشخاص المعوّقين، وتطوير وسائل السلامة العامة على الطرقات. أيضاً، حقّق رقماً قياسياً في عدد شهادات البكالوريا، وقد حصل على سبع شهادات في تخصّصات مختلفة.
هذا الرجل الذي يحتفل بعيد ميلاده الثامن والثلاثين في شهر أغسطس/آب المقبل، كان متفوقاً منذ صغره. كثيراً ما كان يميل إلى تفكيك الأجهزة الإلكترونيّة، وقد عرض على أستاذه أربعة اختراعات بعد اجتيازه المرحلة الابتدائية، من دون أن يجد التشجيع الكافي.
يوسف الذي يعمل أستاذاً للرياضيات في مؤسسات تعليمية في العاصمة المغربية الرباط، نجح في لفت الأنظار إليه ليس بسبب ابتكاراته التقنية التي خصّصها للأشخاص المعوقين وحسب، وتحديداً الأشخاص الصم، بل لأنه نال هذا العام شهادة البكالوريا الجامعية السابعة. وساهم إلمامه بالعلوم والفيزياء في تسجيله اختراعات ذات قيمة اجتماعية، هو الحاصل على شهادة جامعية في الميكانيك والفيزياء وغيرها، بالإضافة إلى شهادة التكوين من المكتب العالمي للملكية الفكرية في جنيف.
لم تذهب ميول يوسف، حين كان تلميذاً صغيراً، إلى اكتشاف الأجهزة وتفكيكها ثم إعادتها إلى طبيعتها، سدىً، على الرغم من أنه لم يحظ بالتشجيع في ذلك الوقت. كانت عزيمته أقوى من أي تجاهل، وقد تمكّن من التوفيق بين التعليم وبين الغوص في عالم الاختراعات.
يقول المخترع المغربي لـ "العربي الجديد" إن السعي إلى ابتكارات جديدة يسري في عروقه، ويعدّ جزءاً لا يتجزأ من حياته، سواء قبل حصوله على وظيفة أو بعدها. يضيف أنه يحرص على اختراع ما يفيد الفرد والمجتمع على حدّ سواء، خصوصاً الفئات الاجتماعية المهمشة، على غرار الأشخاص المعوقين حركياً أو الأشخاص الصم". أكثر من ذلك، يسعى إلى أن تكون اختراعاته عملية وقابلة للتطبيق، ويقول إنه لا يرغب في كسب شهرة من خلالها.
حتى اليوم، سجّل نحو 12 اختراعاً داخل وخارج البلاد، أبرزها جهاز يسمح بتيسير عملية التواصل لدى الأشخاص الصم، وآخر أطلق عليه اسم "سوريو"، يستهدف أولئك الذين يعانون من شلل نصفي، ويساعدهم على التحكم بجهاز الكومبيوتر. كذلك، اخترع شاحناً للهاتف المحمول يعمل على الطاقة الشمسية، ليحصل على شهادة "اختراعات تكنولوجية" من ولاية فلوريدا الأميركية في ديسمبر/كانون الثاني عام 2005. لم ينته الأمر هنا، إذ اخترع صندوق انتخابات يتمتع بوسائل تقنية تمنع التزوير أثناء التصويت، بالإضافة إلى اختراعات أخرى.
وعلى الرغم من حبّه الفطري للاكتشافات الجديدة والاختراعات، إلا أنها لم تستحوذ على كل وقته. فقد خصّص جزءاً من حياته المهنية والشخصية للتطوّع في جمعيات كثيرة تهتم في تنمية المجتمع وتوعية الشباب، منها جمعية الشعبة للثقافة والتنمية القروية، وجمعية مبادرة شباب يعقوب المنصور، بالإضافة إلى جمعيات أخرى. كلّ همّه كان نشر الوعي وسط الشباب.
اختراعاته التي أبهرت كثيرين داخل وخارج البلاد، حازت أيضاً على تقدير الأشخاص المعوقين، بينما نال الصندوق الانتخابي الذكي دعم عدد من البرلمانيين المغاربة. اليوم، يعتزم تحقيق رقم قياسي والدخول إلى موسوعة غينيس للأرقام القياسية.
أخيراً، حصل يوسف على شهادة البكالوريا رقم 7 في مشواره، هو الذي يدرّس حالياً مادة الرياضيات في مؤسسات تعليمية في الرباط، وذلك في شعب مختلفة تتراوح ما بين العلمية والأدبية، وذلك في سنوات 1999 و2000 و2010 و2011 و2013 و2015 و2016.
يكشف لـ "العربي الجديد" السرّ في اجتيازه المتكرّر لامتحانات البكالوريا، وحصوله على رقم غير مسبوق في المغرب والمنطقة العربية، قائلاً إنه يرغب في تحدي نفسه واختبار المعلومات التي اكتسبها من خلال دعمه للتلاميذ في الجمعيات التي ينشط فيها. بالنسبة للمخترع والناشط المغربي، لم يرغب في تحقيق شهرة ما بحصوله على شهادة البكالوريا سبع مرات طيلة مساره الدراسي. على العكس، يسعى إلى إثبات أن لا شيء مستحيل، وأن المسار التعليمي لا ينتهي بمجرد أن يحصل شخص ما على وظيفة. وقد أراد الحصول على المعرفة في مختلف التخصصات العلمية، الأمر الذي يتيح له مساعدة التلاميذ خلال التحضير للامتحانات.
تجدر الإشارة إلى أنه ساهم في تدشين أوّل تجربة لتدريس الاختراع في المغرب عام 2005، علماً أن المغرب هو ثاني دولة إسلامية وأول دولة عربية وإفريقية تدرس فيها هذه المادة، وإن كانت تقتصر على مدارس دون غيرها. ما زال الطريق أمام يوسف في بدايته.