مجرّد الوقوف أمام مبنى البرلمان في منطقة ويستمنستر في العاصمة البريطانية لندن، كفيل أن ينقلنا إلى عقود غابرة ويعود بنا إلى تلك الحقبة التي حكم فيها الملوك أوروبا.
أمّا أن تعبر إلى الداخل فهو أشبه بالتبحّر في عالم من الأسرار والفنون والإبداع، مع كل خطوة وعلى كل جدار تلفتك لوحات تحكي قصصاً وتصوّر انتصارات أُحرزت أو مجازر ومعارك قُتل فيها المئات تكاد شخوصها تنطق، حتى يخال المرء سماع أصوات أولئك القابعين على تلك الجدران.
لوحات رُسمت ببراعة يتجاوز طول بعضها الأمتار، أنهكت أصابع أولئك الفنّانين الذين أمسكوا بريشتهم لما يزيد على سبع سنوات أحياناً، لإنهاء عمل واحد يجسّد واقعة رفضت أن تختزل في كتب التاريخ، فتبعثرت بطولاتها على جنبات البرلمان وممرّاته وقاعاته فنّاً يبهر كلّ من مرّ به.
نجا سقف البرلمان الذي بني عام 1399 والمصنوع من خشب السنديان الإنكليزي، من الحريق الذي اندلع عام 1834 وأحرق القصر بكامله. توقّع بعضهم سقوط السقف وخشي الكثير من الناس، التجوّل أو المرور تحته على الرّغم من صموده سبعمائة عام، قد تكون كافية لإبعاد شبح الخوف عن تلك النفوس المتردّدة.
كنيسة سانت ماري أيضاً لم تقض عليها النيران، ويحكى أنّ امرأة تسلّلت إليها في عام 1911 واختبأت في إحدى خزائنها، بغية أن يصبح عنوان إقامتها مبنى البرلمان، إذ كان القانون يسمح بذلك آنذاك.
لا تزال بصمات الحريق راسخة في المكان خصوصاً اللون الأبيض للتماثيل الذي اندثر وبات غامقاً.
عقب الدمار الذي ألمّ بالقصر، أعيد بناؤه بشكل أوسع كي يلائم احتياجات البرلمان، وأجريت مسابقة للفوز بتصميم البناء من جديد، فاز بها تشارلز باري، الذي أعاد البناء في عهد الملكة فكتوريا، ليبدو أقدم ممّا هو في الواقع، من خلال استخدام فنّ العمارة القوطية التي تميزت بأشكالها الهيكلية الأوروبية.
يروي البهو الذي تربّع فيه ملوك بريطانيا، محطّات اهتزّ فيها عرش المملكة، منها حادثة السير ويليام والاس الفارس الإسكتلندي الذي قاد معركة ضد البلاد لتحرير اسكتلندا في عهد الملك إدوارد الأوّل، بيد أنّه اتهم بالخيانة وحكم عليه بالموت، قُطع رأسه وعُلّق على جسر لندن في عام 1305 ليكون عبرة لغيره.
كما انتهى الأمر بجاي فوكس، أحد أعضاء مؤامرة البارود، في عام 1605، الذي خطّط لتفجير البرلمان البريطاني عن طريق وضع براميل البارود في قبوه، لكنّه فشل بعد أن أثيرت الشبهات جرّاء تلقي بعض أعضاء البرلمان رسائل تنصحهم بعدم الحضور إلى القصر، ألقي القبض عليه في القبو مع 26 برميل متفجرات، وحكم عليه بالإعدام، ولغاية اليوم تقوم فرقة من أمن القصر بدوريات إلى القبو على الرغم من النظام الأمني الذي يصعب اختراقه حالياً. يحتفل البريطانيون في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني بما يسمى "البون فاير" سنوياً بمناسبة ذكرى نجاة الملك جيمس الأوّل من الاغتيال.
أمّا ملكة إنكلترا فكان لها دوماً دورها في مجلس اللوردات، وكان لا بدّ لها أن تمرّ أمام الناس في ممرّات البرلمان، في زمن لم تتوفّر فيه التلفزيونات أو الصور لنقل ما يجري من أحداث.
انبثقت بذرة الديمقراطية من قاعة البرلمان، والجدير بالذكر أنّ كلمة "برلمان" أتت من الكلمة الفرنسية "parler" تحدّث. بادئ الأمر كان الملك يتحدّث مجمل الوقت، ومع حلول القرن الحادي عشر بدأت بوادر الطغيان بالزوال مع ظهور "الماغنا كارتا" أو الميثاق الأعظم في عام 1215 للمرّة الأولى حين حكم الملك جون إنكلترا وفرض ضرائب ضخمة على المواطنين الذين ثاروا وأجبروه على توقيع الماغنا كارتا، بيد أنّ بعض التعديلات لحقت بها في القرن الثالث، واعتمدت على أنّها "الميثاق العظيم للحريات"، كونها حدّدت سلطة الملك المطلقة ووضعت قانوناً للبلاد.
اعتبر مجلس اللوردات المحكمة الأعلى في بريطانيا لغاية عام 2009 لتحلّ مكانها المحكمة العليا بعد ذلك التاريخ.
بدت لندن مختلفة تماماً في القرن الحادي عشر، حيث بني قصر ويستمنستر، كانت توجد جماعة من الرهبان لا غير، وعرفت المنطقة باسم جزيرة ثورني الصغيرة على ضفاف نهر التايمز، تحوّل القصر الملكي مع الوقت إلى برلمان وشيدت العديد من المباني حتى باتت ويستمنستر تضم أهم المعالم السياحية في بريطانيا.
أمّا أن تعبر إلى الداخل فهو أشبه بالتبحّر في عالم من الأسرار والفنون والإبداع، مع كل خطوة وعلى كل جدار تلفتك لوحات تحكي قصصاً وتصوّر انتصارات أُحرزت أو مجازر ومعارك قُتل فيها المئات تكاد شخوصها تنطق، حتى يخال المرء سماع أصوات أولئك القابعين على تلك الجدران.
لوحات رُسمت ببراعة يتجاوز طول بعضها الأمتار، أنهكت أصابع أولئك الفنّانين الذين أمسكوا بريشتهم لما يزيد على سبع سنوات أحياناً، لإنهاء عمل واحد يجسّد واقعة رفضت أن تختزل في كتب التاريخ، فتبعثرت بطولاتها على جنبات البرلمان وممرّاته وقاعاته فنّاً يبهر كلّ من مرّ به.
نجا سقف البرلمان الذي بني عام 1399 والمصنوع من خشب السنديان الإنكليزي، من الحريق الذي اندلع عام 1834 وأحرق القصر بكامله. توقّع بعضهم سقوط السقف وخشي الكثير من الناس، التجوّل أو المرور تحته على الرّغم من صموده سبعمائة عام، قد تكون كافية لإبعاد شبح الخوف عن تلك النفوس المتردّدة.
كنيسة سانت ماري أيضاً لم تقض عليها النيران، ويحكى أنّ امرأة تسلّلت إليها في عام 1911 واختبأت في إحدى خزائنها، بغية أن يصبح عنوان إقامتها مبنى البرلمان، إذ كان القانون يسمح بذلك آنذاك.
لا تزال بصمات الحريق راسخة في المكان خصوصاً اللون الأبيض للتماثيل الذي اندثر وبات غامقاً.
عقب الدمار الذي ألمّ بالقصر، أعيد بناؤه بشكل أوسع كي يلائم احتياجات البرلمان، وأجريت مسابقة للفوز بتصميم البناء من جديد، فاز بها تشارلز باري، الذي أعاد البناء في عهد الملكة فكتوريا، ليبدو أقدم ممّا هو في الواقع، من خلال استخدام فنّ العمارة القوطية التي تميزت بأشكالها الهيكلية الأوروبية.
يروي البهو الذي تربّع فيه ملوك بريطانيا، محطّات اهتزّ فيها عرش المملكة، منها حادثة السير ويليام والاس الفارس الإسكتلندي الذي قاد معركة ضد البلاد لتحرير اسكتلندا في عهد الملك إدوارد الأوّل، بيد أنّه اتهم بالخيانة وحكم عليه بالموت، قُطع رأسه وعُلّق على جسر لندن في عام 1305 ليكون عبرة لغيره.
كما انتهى الأمر بجاي فوكس، أحد أعضاء مؤامرة البارود، في عام 1605، الذي خطّط لتفجير البرلمان البريطاني عن طريق وضع براميل البارود في قبوه، لكنّه فشل بعد أن أثيرت الشبهات جرّاء تلقي بعض أعضاء البرلمان رسائل تنصحهم بعدم الحضور إلى القصر، ألقي القبض عليه في القبو مع 26 برميل متفجرات، وحكم عليه بالإعدام، ولغاية اليوم تقوم فرقة من أمن القصر بدوريات إلى القبو على الرغم من النظام الأمني الذي يصعب اختراقه حالياً. يحتفل البريطانيون في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني بما يسمى "البون فاير" سنوياً بمناسبة ذكرى نجاة الملك جيمس الأوّل من الاغتيال.
أمّا ملكة إنكلترا فكان لها دوماً دورها في مجلس اللوردات، وكان لا بدّ لها أن تمرّ أمام الناس في ممرّات البرلمان، في زمن لم تتوفّر فيه التلفزيونات أو الصور لنقل ما يجري من أحداث.
انبثقت بذرة الديمقراطية من قاعة البرلمان، والجدير بالذكر أنّ كلمة "برلمان" أتت من الكلمة الفرنسية "parler" تحدّث. بادئ الأمر كان الملك يتحدّث مجمل الوقت، ومع حلول القرن الحادي عشر بدأت بوادر الطغيان بالزوال مع ظهور "الماغنا كارتا" أو الميثاق الأعظم في عام 1215 للمرّة الأولى حين حكم الملك جون إنكلترا وفرض ضرائب ضخمة على المواطنين الذين ثاروا وأجبروه على توقيع الماغنا كارتا، بيد أنّ بعض التعديلات لحقت بها في القرن الثالث، واعتمدت على أنّها "الميثاق العظيم للحريات"، كونها حدّدت سلطة الملك المطلقة ووضعت قانوناً للبلاد.
اعتبر مجلس اللوردات المحكمة الأعلى في بريطانيا لغاية عام 2009 لتحلّ مكانها المحكمة العليا بعد ذلك التاريخ.
بدت لندن مختلفة تماماً في القرن الحادي عشر، حيث بني قصر ويستمنستر، كانت توجد جماعة من الرهبان لا غير، وعرفت المنطقة باسم جزيرة ثورني الصغيرة على ضفاف نهر التايمز، تحوّل القصر الملكي مع الوقت إلى برلمان وشيدت العديد من المباني حتى باتت ويستمنستر تضم أهم المعالم السياحية في بريطانيا.