حينما تصبح العملية التعليمية بمكوناتها المادية والبشرية عرضة للهجمات والعنف المسلح فإن الأطراف المختلفة للعملية التعليمية، مثل المعلمين والأهالي والوزارات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، تتجه لتبني آليات مختلفة ومبتكرة لضمان استمرار الخدمات التعليمية في المجتمع، وفيما يلي أهم الآليات التي استخدمت في مناطق عدة لحماية التعليم وضمان عدم انقطاع التلاميذ عن التعلم لفترات طويلة.
أولا: حماية الأرواح والمنشآت:
أولا: حماية الأرواح والمنشآت:
هناك بعض الإجراءات الفورية التي يمكن اتخاذها لحماية الأرواح والمنشآت التعليمية لتجنب إغلاق المؤسسات التعليمية بشكل كامل في حال الطوارئ أو الهجوم الفعلي، والمقصود بتلك الحماية هو الإجراءات الدفاعية التي من شأنها المحافظة على أرواح المعلمين والطلبة والتقليل من الخسائر التي قد تحدث للبنايات التعليمية في حال الهجوم عليها.
ويتضمن هذا تعزيز حوائط وأسقف المدارس بأجْولَةِ الرمال لمقاومة الأعيرة النارية، وبناء الحوائط والأسوار الشائكة حول المباني التعليمية، وتوفير الحراس حول المدارس والمرافقين المدربين لمصاحبة المعلمين والطلبة أثناء الطريق أو وسائل مواصلات مدرسية آمنة.
أمثلة واقعية للآليات المختلفة لحماية الأرواح والمنشآت التعليمية:
• توفير الحماية أثناء الطريق: في عام 2009 في أفغانستان تم ابتياع حافلة مدرسية لنقل الطالبات للحد من الاعتداءات الجسدية التي تتعرض لها الفتيات أثناء سيرهم في طريق المدرسة ذهابا وعودة وتم الحصول على الأموال اللازمة من التبرعات الدولية وذلك بعد حادثة الاعتداء بالحمض الكيماوي على تسعة من الفتيات أثناء ذهابهم المدرسة.
• توفير الحراس عند المدارس: قامت وزارة التعليم بالعراق بتعيين حراس مسلحين للمدارس الإبتدائية والإعدادية في بغداد.
• تسليح المدرسين: في تايلاند تم تسليح قرابة 2000 معلم وتدريبهم على استخدام السلاح والدفاع عن النفس وطرق التفاوض.
• تعزيز أبنية المدارس: قام الكيان الصهيوني ببناء أول مدرسة مضادة للصواريخ بحوائط إسمنتية بعمق 40 سم ونوافذ من الزجاج العازل.
• بناء أماكن إقامة للطلبة داخل المدارس: في تايلاند عام 2009 قررت الحكومة بناء أماكن مبيت للطلبة داخل المدارس لحمايتهم من مخاطر الطريق ذهابا وإيابا حيث يكونون أكثر عرضة للهجوم.
• إشراك الأهالي في حماية المدارس والطلبة: في أفغانستان قامت اللجان الأهلية في مدينة خوست بتنظيم مجموعات من بينهم لحماية المدارس وتأمينها مقابل مبالغ مالية يدفعها الأهالي.
• تجنب المناطق أو الأوقات الخطرِة: في العراق عام 2007 أظهرت التقارير أن المعلمين العراقيين يسلكون طرقا مختلفة للذهاب للعمل ويصفون سياراتهم في أماكن مختلفة ويدخلون لمكاتبهم من مداخل مختلفة. وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة قامت شركة اتصالات بتوفير خدمة الرسائل النصية القصيرة في إبلاغ الطلبة بالمعلومات والإنذارات التي تخص إغلاق الجامعات أو المدارس.
ثانيا: تبديل أماكن المدرسة ومواعيد اليوم الدراسي:
في الأماكن التي تعترض فيها الصراعات سير العملية التعليمية بانتظام ويضع الذهاب للمدرسة الأرواح في خطر فإن الذهاب لبدائل في الأماكن والمواعيد المدرسية قد يساهم في إبعاد الناس عن خط النار ويضمن استمرار الحد الأدنى من تلقي العلم، وأمثلة على ذلك هو المدرسة المنزلية أو المدرسة الأهلية التي انتشرت في أفغانستان وأيضا بدائل تعليمية أخرى مثل التعليم عن بعد وتغيير جداول الدراسة ونقل الطلبة والمعلمين إلى مدارس أكثر أمنا.
ومن الأمثلة على تلك الآلية:
• المدارس المنزلية أو الأهلية: انتشرت هذه المدارس في أفغانستان وتعقد في حجرة في المنزل أو تحت شجرة أو في الجامع وتحاكي تماما المدرسة التقليدية وتقام هذه المدارس بالتعاون بين الأهالي والحكومة والمنظمات غير الحكومية ويعمل بها معلمين محليين والهدف منها تقليل المخاطر أثناء الطريق وتوفير نفقات البنية التحتية اللازمة في حالة التعليم الحكومي التقليدي.
• التعليم عن بعد: في أفغانستان قام المركز الأفغاني الكندي بتوفير الوسائل اللازمة لإتمام بعض الطلبة الأفغان دراستهم عن بعد في معهد للتقنية بكندا، وفي العراق قامت الحكومة ببث قناة تعليمية وفي بوروندي قامت إحدى إذاعات الراديو ببث الدروس المدرسية عبر موجاتها وفي سيريلانكا جهزت الحكومة "حزمة دراسية" تمكن الطالب من متابعة الدراسة في البيت في حال توقفت المدرسة عن العمل على أن يتابع المعلمين طلبتهم بشكل أسبوعي.
• الجداول والمواعيد المختلفة: قامت تايلاند في عام 2005 بتبكير موعد انصراف الطلبة والمعلمين ساعة عن الموعد الأصلي حتى يتمكنوا من العودة سالمين.
• إعادة تسكين الطلبة والمعلمين المعرضين للخطر: في كولومبيا عام 2009 قامت الحكومة بتشكيل لجنة للبت في مدى الخطر الذي يعترض الطلبة والمعلمين وتقديم المساعدات الإجرائية والمالية لنقلهم إلى مدارس أخرى.
ثالثا: التفاوض من أجل "مدارس بلا صراع":
يرجع تاريخ الحملات التي تدعو إلى مناطق بلا صراع أو أيام بلا صراع إلى الثمانينيات من القرن الماضي حينما نادى العاملون بمجال المساعدات الإنسانية بهذه المطالبات حتى يتمكنوا من مساعدة المنكوبين والوصول إليهم وقد أخذه العاملون في مجال التعليم وطالبوا بتطبيق هذا المبدأ على المدارس وجعلها خالية من الصراع.
• ومثال على ذلك هو ما حدث في نيبال حينما تعاونت جهات عدة مثل اليونيسكو وبعض المنظمات غير الحكومية على إنجاح حملة دعائية تطالب بـ "مدراس بلا نزاع" وقاموا بمفاوضة المتمردين وممثلين الحكومة على وضع قواعد للسلوك داخل المدارس على رأسها منع السلاح في المدارس ومنع الشعارات السياسية فيها.
اعتبارات يجب النظر إليها عند تطبيق الآليات:
صحيح أن استخدام هذه الآليات المختلفة لحماية التعليم يعد ذا أهمية كبيرة في حالة الطوارئ والحرب لكن هناك أيضا بعض الاعتبارات التي يجب مراعاتها عند تطبيقها، أهمها مراعاة السياق الذي يتم فيه استخدام آلية معينة دون غيرها فمثلا بناء أماكن مبيت للطلبة قد تنتج عن مخاطر أكبر وهي تجمع عدد كبير من البشر فيؤدي إلى ازدياد أعداد الضحايا في حالة الهجوم المسلح، التفاوض مع فصائل متمردة مسلحة قد يؤدي إلى اعتراف ضمني بهم من قبل الحكومة، وهكذا إلى آخره، لذا يجب مراعاة السياق ودراسة كل العواقب المحتملة قبل تبني هذه الآلية أو تلك.
اقرأ أيضا: التعليم في العراق.. قبضة "داعش" وجحيم النزوح
------------------
ترجمة لدراسة "الآليات التطبيقية لحماية التعليم من الهجمات المسلحة" للباحثة كرستين جرونمان، والدراسة جزء من الماجستير الذي تقوم به الباحثة بجامعة نيويورك.
ويتضمن هذا تعزيز حوائط وأسقف المدارس بأجْولَةِ الرمال لمقاومة الأعيرة النارية، وبناء الحوائط والأسوار الشائكة حول المباني التعليمية، وتوفير الحراس حول المدارس والمرافقين المدربين لمصاحبة المعلمين والطلبة أثناء الطريق أو وسائل مواصلات مدرسية آمنة.
أمثلة واقعية للآليات المختلفة لحماية الأرواح والمنشآت التعليمية:
• توفير الحماية أثناء الطريق: في عام 2009 في أفغانستان تم ابتياع حافلة مدرسية لنقل الطالبات للحد من الاعتداءات الجسدية التي تتعرض لها الفتيات أثناء سيرهم في طريق المدرسة ذهابا وعودة وتم الحصول على الأموال اللازمة من التبرعات الدولية وذلك بعد حادثة الاعتداء بالحمض الكيماوي على تسعة من الفتيات أثناء ذهابهم المدرسة.
• توفير الحراس عند المدارس: قامت وزارة التعليم بالعراق بتعيين حراس مسلحين للمدارس الإبتدائية والإعدادية في بغداد.
• تسليح المدرسين: في تايلاند تم تسليح قرابة 2000 معلم وتدريبهم على استخدام السلاح والدفاع عن النفس وطرق التفاوض.
• تعزيز أبنية المدارس: قام الكيان الصهيوني ببناء أول مدرسة مضادة للصواريخ بحوائط إسمنتية بعمق 40 سم ونوافذ من الزجاج العازل.
• بناء أماكن إقامة للطلبة داخل المدارس: في تايلاند عام 2009 قررت الحكومة بناء أماكن مبيت للطلبة داخل المدارس لحمايتهم من مخاطر الطريق ذهابا وإيابا حيث يكونون أكثر عرضة للهجوم.
• إشراك الأهالي في حماية المدارس والطلبة: في أفغانستان قامت اللجان الأهلية في مدينة خوست بتنظيم مجموعات من بينهم لحماية المدارس وتأمينها مقابل مبالغ مالية يدفعها الأهالي.
• تجنب المناطق أو الأوقات الخطرِة: في العراق عام 2007 أظهرت التقارير أن المعلمين العراقيين يسلكون طرقا مختلفة للذهاب للعمل ويصفون سياراتهم في أماكن مختلفة ويدخلون لمكاتبهم من مداخل مختلفة. وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة قامت شركة اتصالات بتوفير خدمة الرسائل النصية القصيرة في إبلاغ الطلبة بالمعلومات والإنذارات التي تخص إغلاق الجامعات أو المدارس.
ثانيا: تبديل أماكن المدرسة ومواعيد اليوم الدراسي:
في الأماكن التي تعترض فيها الصراعات سير العملية التعليمية بانتظام ويضع الذهاب للمدرسة الأرواح في خطر فإن الذهاب لبدائل في الأماكن والمواعيد المدرسية قد يساهم في إبعاد الناس عن خط النار ويضمن استمرار الحد الأدنى من تلقي العلم، وأمثلة على ذلك هو المدرسة المنزلية أو المدرسة الأهلية التي انتشرت في أفغانستان وأيضا بدائل تعليمية أخرى مثل التعليم عن بعد وتغيير جداول الدراسة ونقل الطلبة والمعلمين إلى مدارس أكثر أمنا.
ومن الأمثلة على تلك الآلية:
• المدارس المنزلية أو الأهلية: انتشرت هذه المدارس في أفغانستان وتعقد في حجرة في المنزل أو تحت شجرة أو في الجامع وتحاكي تماما المدرسة التقليدية وتقام هذه المدارس بالتعاون بين الأهالي والحكومة والمنظمات غير الحكومية ويعمل بها معلمين محليين والهدف منها تقليل المخاطر أثناء الطريق وتوفير نفقات البنية التحتية اللازمة في حالة التعليم الحكومي التقليدي.
• التعليم عن بعد: في أفغانستان قام المركز الأفغاني الكندي بتوفير الوسائل اللازمة لإتمام بعض الطلبة الأفغان دراستهم عن بعد في معهد للتقنية بكندا، وفي العراق قامت الحكومة ببث قناة تعليمية وفي بوروندي قامت إحدى إذاعات الراديو ببث الدروس المدرسية عبر موجاتها وفي سيريلانكا جهزت الحكومة "حزمة دراسية" تمكن الطالب من متابعة الدراسة في البيت في حال توقفت المدرسة عن العمل على أن يتابع المعلمين طلبتهم بشكل أسبوعي.
• الجداول والمواعيد المختلفة: قامت تايلاند في عام 2005 بتبكير موعد انصراف الطلبة والمعلمين ساعة عن الموعد الأصلي حتى يتمكنوا من العودة سالمين.
• إعادة تسكين الطلبة والمعلمين المعرضين للخطر: في كولومبيا عام 2009 قامت الحكومة بتشكيل لجنة للبت في مدى الخطر الذي يعترض الطلبة والمعلمين وتقديم المساعدات الإجرائية والمالية لنقلهم إلى مدارس أخرى.
ثالثا: التفاوض من أجل "مدارس بلا صراع":
يرجع تاريخ الحملات التي تدعو إلى مناطق بلا صراع أو أيام بلا صراع إلى الثمانينيات من القرن الماضي حينما نادى العاملون بمجال المساعدات الإنسانية بهذه المطالبات حتى يتمكنوا من مساعدة المنكوبين والوصول إليهم وقد أخذه العاملون في مجال التعليم وطالبوا بتطبيق هذا المبدأ على المدارس وجعلها خالية من الصراع.
• ومثال على ذلك هو ما حدث في نيبال حينما تعاونت جهات عدة مثل اليونيسكو وبعض المنظمات غير الحكومية على إنجاح حملة دعائية تطالب بـ "مدراس بلا نزاع" وقاموا بمفاوضة المتمردين وممثلين الحكومة على وضع قواعد للسلوك داخل المدارس على رأسها منع السلاح في المدارس ومنع الشعارات السياسية فيها.
اعتبارات يجب النظر إليها عند تطبيق الآليات:
صحيح أن استخدام هذه الآليات المختلفة لحماية التعليم يعد ذا أهمية كبيرة في حالة الطوارئ والحرب لكن هناك أيضا بعض الاعتبارات التي يجب مراعاتها عند تطبيقها، أهمها مراعاة السياق الذي يتم فيه استخدام آلية معينة دون غيرها فمثلا بناء أماكن مبيت للطلبة قد تنتج عن مخاطر أكبر وهي تجمع عدد كبير من البشر فيؤدي إلى ازدياد أعداد الضحايا في حالة الهجوم المسلح، التفاوض مع فصائل متمردة مسلحة قد يؤدي إلى اعتراف ضمني بهم من قبل الحكومة، وهكذا إلى آخره، لذا يجب مراعاة السياق ودراسة كل العواقب المحتملة قبل تبني هذه الآلية أو تلك.
اقرأ أيضا: التعليم في العراق.. قبضة "داعش" وجحيم النزوح
------------------
ترجمة لدراسة "الآليات التطبيقية لحماية التعليم من الهجمات المسلحة" للباحثة كرستين جرونمان، والدراسة جزء من الماجستير الذي تقوم به الباحثة بجامعة نيويورك.