على وقع الضربات المكثفة لعمليات "إعادة الأمل"، في أكثر من مدينة يمنية مشتعلة بالمواجهات، يجري تداول مبادرات ومفاوضات سياسية للوصول إلى حلّ سياسي، وفي مقدّمة ذلك جهود تقودها سلطنة عُمان، الجار الشرقي لليمن، والعضو السادس في مجلس التعاون الخليجي، والذي لم يشارك في عمليات "عاصفة الحزم" في اليمن. لكن اللافت كان تحذير وزارة الخارجية الروسية للتحالف العشري من انعكاسات أي عملية عسكرية برية "محتملة" في اليمن على مستقبل العملية السياسية. وقال غينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس الخميس، لوكالة "تاس" الروسية، إن "إجراء عملية برية سيؤدي إلى تعقيد الأزمة ولن يساعد على إيجاد حل سياسي، ولذلك فإننا نؤيد وقف العمليات العسكرية وإطلاق حوار سياسي بين الأطراف المتنازعة".
اقرأ أيضاً (قيادات من حزب صالح تلتقي الزياني وتؤيد "إعادة الأمل")
اقرأ أيضاً (قيادات من حزب صالح تلتقي الزياني وتؤيد "إعادة الأمل")
البنود السبعة
وأكدت مصادر سياسية، رفضت كشف هويتها، لـ"العربي الجديد"، أن عُمان حاضرة بقوة في مختلف المفاوضات السياسية التي تجري لوقف النار، فيما تحدثت أنباء عن مبادرة عُمانية يتم التنسيق لها مع صنعاء والرياض وطهران والعديد من الأطراف المعينة. وتتضمن المبادرة، التي نُشرت في وسائل إعلام سعودية، سبع نقاط: وهي انسحاب الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح، من جميع المدن اليمنية، وإلزامها بإعادة العتاد العسكري الذي استولت عليه من الجيش، إضافة إلى عودة السلطة الشرعية ممثلة بالرئيسن عبدربه منصور هادي وحكومة خالد بحاح، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة، وتوقيع اتفاق يضم كافة الأطراف اليمنية، وتحول الحوثيين إلى حزب سياسي عبر الطرق القانونية، وعقد مؤتمر دولي للمانحين بهدف مساعدة اليمن، وأخيراً انضمام اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي.
اقرأ أيضاً (اليمن وملامح وساطة عُمانية: هدنة فحوار فانتخابات ومؤتمر للمانحين)
ولم تتضمن الصيغة إشارة إلى وقف عمليات التحالف العربي من عدمه، مما يعزّز فرضية وجود بنود أو تفاصيل إضافية. وتتوافق غالبية النقاط الواردة مع التسريبات التي تتحدث عن مشروع اتفاق سياسي وشيك، وكذلك مع مطالب قرار مجلس الأمن الدولي الأخير 2216، والذي يطالب التحالف بتنفيذه. وأعلن حزب "المؤتمر الشعبي"، الحليف غير المباشر للحوثيين، أنه سيتعامل مع القرار بـ"إيجابية".
وجهة نظر إيرانية
من جانبها، أشارت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية، مرضية أفخم، إلى مبادرة عُمان حول الأزمة في اليمن، وقالت إنّه "إذا حازت هذه المبادرة تأييد المصادر الرسمية، فيمكن التباحث وإبداء وجهة نظر معينة حولها". وفي تصريح نقلته وكالة أنباء "فارس"، أكدت أفخم أن ليست لديها تفاصيل أخرى أكثر مما ورد في التقارير والأنباء حول هذه المبادرة.
وكانت مسقط محطة للعديد من اللقاءات السياسية والدبلوماسية خلال الفترة الماضية، بينها زيارة لوزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، خُصصت لبحث الأوضاع في اليمن، كما بدأ القيادي في حزب صالح، وزير الخارجية الأسبق، أبو بكر القربي، الذي يقود جهوداً نحو الحل السياسي ويتواجد في القاهرة، زيارته الخارجية من عمان. وحسب مصدر قيادي في حزب "المؤتمر" صرح لـ"العربي الجديد" في وقت سابق، فإن عُمان من ضمن دول تقود جهوداً دبلوماسية، وتشارك إلى جانبها في هذه الجهود، روسيا، وإيران، والإمارات ومصر. ويرى مراقبون أن أية مبادرة عُمانية من المرجح أن تكون نتيجة لمختلف الجهود الدبلوماسية والمفاوضات الجارية حالياً.
وتعدّ عُمان دولة مؤهلة لرعاية حلّ سياسي، باعتبارها لم تشارك في دول التحالف، وبقيت على تواصل مع مختلف الأطراف. وكانت مسقط قد دخلت كوسيط دبلوماسي في الأزمة خلال الشهور الأخيرة من العام الماضي، إذ أكّد مسؤولون يمنيون أنّها كانت وسيطاً بين الرئيس عبد ربه منصور هادي وإيران، قبل قيام جماعة الحوثي باجتياح صنعاء في الـ21 من سبتمبر/أيلول الماضي.
قبول الحوثيين!
ومن الواضح أن مختلف المبادرات والتسريبات عن الاتفاقات السياسية المتوقعة تشير إلى أن انسحاب الحوثيين من المدن وتسليم الأسلحة الثقيلة إلى السلطة، شرط أساسي في أي اتفاق أو مبادرة محتملة. غير أن الجماعة لا تزال حتى اللحظة، ترفض القبول بالتنازلات بشكل مباشر، وهو ما عكسه البيان الأخير للناطق باسم الحوثيين، محمد عبدالسلام، بعد إيقاف "عاصفة الحزم"، إذ دعا إلى الإيقاف بشكل كامل للعودة إلى الحوار.
وفي الوقت نفسه، دافع عبدالسلام عن العديد من الخطوات والأعمال التي قامت بها جماعته، وقدم البيان رؤية الحوثيين على صيغة مطالب وليست شروطاً، إذ طالب باستئناف الحوار تحت رعاية "الأمم المتحدة"، من حيث توقف قبل "العاصفة"، وأكّد على أهمية مرجعية مخرجات الحوار الوطني واتفاق "السلم والشراكة" في أي حوار مقبل. وفي الوقت نفسه، لم يشر إلى الإعلان الانقلابي الذي تصفه الجماعة بـ"الدستوري"، والذي كانت في أوقات سابقة تطالب بالحوار تحت سقفه.
ودافع عبدالسلام عما تقوم به جماعته والقوات الموالية لها في المحافظات الجنوبية، واعتبر أن المواجهة فيها مع "القاعدة"، وأنّ الصراع معها لا تحكمه اتفاقات، فيما بدا تبريراً لاستمرار جماعته في بعض المدن. وعلى الرغم من أنّ حدّة لهجة الحوثيين لم تتراجع، غير أن الداعم الإقليمي لهم، ممثلاً بإيران، تراجعت حدة خطابه بشكل واضح، بالإضافة إلى حليفهم المحلي، ممثلاً بصالح وحزبه، مما قد يفسر خطاب الحوثيين بأنه لـ"حفظ ماء الوجه" أمام أتباعهم، ما لم يكن لدى الجماعة حسابات وأوراق تعول عليها.