كانت صاحبة الصفحة الافتراضية الإنسانية تحدّثها من مكبّر الصوت في جهازها التلفوني في المطبخ أثناء الطهي، واستمرت المحادثة لأكثر من ثلث ساعة وسط أبخرة الطعام، والأوعية والأواني إلى أن جاءت الإشارة التليفونية بنهاية الشحن.
كانت محتارة فى اختيار اسم مولودها الجديد، حتى قامت أمها وأحضرت ثلاث شمعات للمولود؛ كل واحدة باسم تفضله هي وزوجها، لكن أيضاً احترنا فى اختيار أيهم: ياسين/ عمر/ محمد، حتى أخبرتها أمها أن الشمعة التي تطفئ الأول يستقر الاسم عليها.
كانت المفاجأة الأولى للاحتفال بعيد ميلادنا سوياً الذي يفصله سبعة أيام لا غير هو دعوتي إلى حضور "أوبرا عايدة" على المسرح الكبير معها هي وزوجها. شاهدتها أكثر من مرّة في التلفاز، انبهرت بها وتمنيت أن أشاهدها على المسرح عن قرب.
ها قد عدنا يا بيت العائلة، "ولا يهمك ما حدث شيء". يا له من اسم رائع ومحتوى دفين وعميق وكأنه من أسرار الكون رغم مرور سنوات العمر ورحيل البعض سواء سفراً أو عبر مسالك أخرى، فتصبح الأعياد سبيل العودة.
قامت الحكومة بحملة خصخصة، فباعت المصنع الذي يشتغل فيه لمستثمرين جدد، مختلطي الجنسيات، أخذوا قروضاً من البنوك بضمان المصنع، وهرّبوا بالمال، وأفلس المصنع، واضطرت الإدارة إلى تسريح جميع العاملين فيه، وإغلاقه، وبيعه، وتحويله إلى عمارة شاهقة، وكأن شيئاً لم يكن.
عندما هدأت أصوات الاصطدام قليلاً، كانت جثث رفقائي من حولي تحتضنني برفق واستسلام، كان الخروج من العربة شيئاً صعباً لي، فالمشهد من حولي مليء بالتفاصيل التي يصعب الخروج منها. كان وجه السائق الميت لتوّه متدلياً على ناصية المسند صامتاً ومتذمراً.
عليّ أن أحسم حياتي الآن: ما هو الشِعر؟ الحب؟ الإخلاص؟ تناول كلّ الأشياء. هل كان لا بدّ أن يحدث ما حدث؟ هل تأخرتُ كعادتي؟ أم جئت في غير الوقت المناسب، أنا مخزون من الأفكار والأشعار، أين أنا؟