أحسّ المعتقلون بتدنّي مستوى الحراك الثوري خلال الأشهر القليلة الماضية إلى مستويات منعدمة لأوّل مرة، منذ الانقلاب العسكري، على الرغم ممّا تعانيه سلطة الانقلاب من أزمات اقتصادية وتدن في مستوى شعبيتها، فرصة كان ينبغي أن تستثمرها قيادة الحراك الثوري.
من خلال تجربتي كسجين سياسي منذ أكثر من عام، رصدت بعضًا من الإجراءات الممنهجة. حدّث ولا حرج عن التعذيب البدني ضربًا وصعقًا بالكهرباء، والتعذيب النفسي، مثل توجيه الشتائم والإهانات، إضافة إلى محاولات حثيثة لتطويع السجناء السياسيين وصبّهم في قوالب محكمة.
الاعتقاد بأن الاعتصام سيُسقط الانقلاب وأن مدته ستكون قصيرة وغياب طرح مثل هذه الأسئلة أدى إلى الخطأ الثالث؛ وهو اعتبار الاعتصام ثابتاً وليس متغيراً، هدفًا وليس وسيلة يمكن أن تتغير.
قد يستغرب القارئ هذا العنوان ويتساءل متعجبًا أو مستنكرًا: هل يوجد في السجن حياة اجتماعية وسياسية حتى توصف بأنها ديمقراطية أو ديكتاتورية؟ وهل يتمكن السجناء من ممارسة تجربة من هذا النوع خلف الأسوار؟
حينما أصبحت سجيناً سياسياً منذ ما يزيد عن عام، لم أشغل بالي بالسؤال عن موعد خروجي الذي لا أعلمه، ولكني كنت أفكر في الإجابة عن سؤال آخر: كيف أفيد من فترة اعتقالي وأجعل منها نقطة انطلاق؟
البشر جميعهم مخلوقون من مادة واحدة، ورغم ذلك تجد التباين بينهم واضحًا في ملامح وجوههم وألوانهم ولغاتهم وخصائصهم النفسية وقدراتهم العقلية. هكذا، تجد أي تجمع بشري يتباين أفراده في سماتهم وقدراتهم حتى وإن كانوا معًا داخل السجن نفسه.
إذا كان اعتقال السلطة المستبدة لمعارضيها يتجاوز هدف الانتقام منهم إلى كونه ركنًا أساسًا في خطة ممنهجة لوأد المعارضة وإنهاء الثورة؛ فإنه يصبح لزامًا على الثورة أن تفكّر في آليات ممنهجة لمقاومة هذه الأداة الفعالة وتفريغها من كل مضمونها.