قوتان عسكريتان تقاتلان بأجندات وشعارات مختلفة، وهو ما قد يمهد، في ظل تحوّلات المشهد السياسي والعسكري الليبي أخيرا، لحدوث شرخ في الجغرافيا الليبية، يؤسّس بمقتضاه اللواء المتقاعد، خليفة حفتر ومن يدعمه من الفيدراليين واقعا جديدا في المنطقة الشرقية.
تعدُّ تونس أكثر دول الجوار الجغرافي الليبي تأثرًا بالنزاع، لاعتباراتٍ جيوسياسية، فهي ذات حدود مشتركة برّية على طول 459 كيلومتراً، ولديها ثلاثة معابر حدودية، انتقل عبرها إلى تونس ليبيون كثيرون فارّون من أتون النزاع.
تجسّد الإذلال بأشكال دبلوماسية، تكاد تكون ممأسسة وعملانية، كطرائق وجود سلوكٍ نعتبرها بديهية وحتمية، ولا مفر منها: كأن يتم الإعلان من موسكو عن مستقبل سورية، أو أن نحظر على إيران أو كوريا الشمالية امتلاك السلاح النووي، فيما نجيز ذلك لإسرائيل!
يصبّ الحراك الدبلوماسي للقوتين المتنافستين في ليبيا (فرنسا وإيطاليا) في اتجاه دعم جهد دولي لتحقيق استقرار في ليبيا للحد من ارتفاع أسعار الطاقة والبحث عن البدائل، من خلال دبلوماسية المؤتمرات.
تحاول روما التقليل من نفود باريس التي أجرت مراجعة شاملة لفكرها الاستراتيجي في المجالات العسكرية والأمنية في الخارج، وما فتئت تحاول الظهور بمظهر القوة الأوروبية الأكثر دينامية وقدرة على التحرّك في محيطها الإقليمي.
استندت الدبلوماسية الفرنسية، في جزء منها، في إدارة الملف الليبي إلى دور دولة الإمارات في مساعدتها على جمع قطبي الرحى في الأزمة، العقيد خليفة حفتر الذي تسيطر قواته على الشرق الليبي، وعلى مناطق حيوية أخرى، ورئيس حكومة الوفاق، فايز السراج.
لم تكن روما متحمسة، بعد قيام الثورة الليبية في فبراير/ شباط 2011، لإسقاط نظام معمر القذافي، فقد اعتبر رئيس الحكومة الأسبق المثير للجدل، سيلفيو بيرلسكوني، ما جرى في ليبيا مؤامرة أوروبية، هددت المصالح السياسية والاقتصادية الإيطالية في ليبيا.
التطور اللافت في الدور الروسي في ليبيا هو ما كشفه رئيس لجنة الاتصال الروسية المعنية بتسوية الأزمة الليبية، ليف دينغوف، أن العقيد خليفة حفتر قدم طلبًا لروسيا لإقامة قاعدة عسكرية روسية شرق البلاد.
ابتعد مبعوث الأمم المتحدة، غسان سلامة، عن الإعلام والتصريحات. عمل مع فريقه بهدوء على صياغة خطته التي تبنّاها مجلس الأمن التي تقضي، بعد القيام بسلسلة من الإجراءات التشريعية والسياسية والأمنية، بإجراء انتخابات في سبتمبر/ أيلول 2018.
ساهمت سياسة القذافي في محيطه الإقليمي والدولي في تبديد عائدات الثروة النفطية الليبية، وإفقار المواطن الليبي وعدم استخدامها، أو استخدام جزء منها على أقل تقدير، في مجالات التنمية السياسية والاقتصادية وتحقيق نوع من الاستقلال الذاتي.