المدينة التي تفقد بناياتها البيضاء، الواحدة تلو الأخرى، كما تفقد امرأة عجوز أسنانها/ يطلق سكّانها الألعاب الناريّة في وضح النهار/ يحدث ذلك، حين تداهمهم كوابيس النجاح أو الزواج/ أو فقط حين لا يرغبون في أن يقاسمهم الحمام شرفاتهم العالية.
كرجل فقد أصابع يديه الأربعة في الحرب/ لم تحتفظ المدينة سوى بباب واحد من أبوابها الخمسة القديمة/ ويُدعى "باب الجْديد"/ تلك الأبواب الأسطورية، كما يصفها المرشد السياحيّ/ حيث كان يُعلَّق المجرمون كما تُعلَّق الفوانيس في أوّل الليل.
نايات آلجي قديمة كمحاربين نجوا من الحرب ليعيشوا طويلاً برصاصة، ترقد إلى جانب القلب مع ذلك، فهي تحتفظ بكامل شبابها فأسطحها لا تخلو من الملابس الملوَّنة ومن نساء يصعدن إليها في منتصف النهار بشَعر مطلوق وتنانير قصيرة كصورة ممثّلة مجهولة.
في تلك البلاد يُسمّون البحر الهادئ، زيتاً/ وحين ترتفع درجات الحرارة/ يلقون بأنفسهم داخله بطريقة عشوائيّة/ ويقفزون، كحبّات البطاطا التي تقطِّعها الأمّهات/ ولكي لا يبتلع الأطفالَ ويستمر في الذهاب والمجيء كمداعبة/ يقطعه الفقراء بقوارب صغيرة وحادّة الأطراف.
ها قد عرفتَ الآن يا أبي، وقد اختبرت ذلك بنفسك، أن الكتابة هي المقبرة. حيث لا يسكنها سوى الموتى ولا يمرّ منها سوى الحزانى والورود التي لا يخفق قلب أحد عند رؤيتها. وأن الموت هو أن تتحوّل الكلمة.