إن ما جعلني أعيش شيئًا من الحرّية عندما كنت زائرة فقط، هو ما تمنحه المدن لزائريها من تحرّر من سلطة المجتمع والعادات التي تحيط بسكّانها المحليين، كنت زائرة لا تعرف قواعد هذه المدينة، ولذا منحت حرّية أكثر مما لدى الناس.
ترك عمله هذا والتحق بفرق الإنقاذ، تلك التي تقوم بإخراج جثث القتلى والمقصوفين من تحت الأنقاض، ظنّ بأنه لن يسمع شيئاً هذه المرّة، ستكون أجساداً انتهت حكاياتها للتو، لكنه رأى هذه المرة، ولم يسمع
أشعر أحياناً بأن الزمن يتكرّر مع العراقيين بطريقة عجيبة، فهو يختار الأزمان السيئة المليئة بالقحط والأزمات والحروب ليكرّرها على الأجيال التي تولد على أرضه، تتكرّر بشكل غريب مذكّرة العراقيين بسنوات مؤلمة وقاسية.
في مكان قريب جداً، فتاة أعرفها، نعود بجذورنا لذات العائلة القديمة، لكن ما يشغلها لا يشغلني، هموم رأسها تختلف تماماً عني، إذ بينما أنشغل بفكرة بغداد، تتأمل كثيراً فكرة دمشق. وما بينهما أرضٌ شاسعة وحدود.
"باسم الدين، باكونا الحرامية" كان هذا العنوان الأبرز للتظاهرات التي بدأ بها العراقيون من بغداد في الـ31 من يوليو/ تموز الماضي، كانوا يريدون من خلال غضبهم الذي تفجّر فجأة إيصال صوتهم للمسؤولين في الحكومة العراقية
هكذا إذن، يتسلّل الموت إلى أوقات الطمأنينة، والراحة المؤقتة، إنه يريد منّا أن نخاف منه دائماً، أن نراه في كلّ سيارة، أو طريقٍ ملتوٍ، أو شخص ذي ملامح غريبة، في كلّ جسرٍ نعبره، وكلّ بداية
كيف يمكن أن أتفادى وجوه الأطفال الذين ماتوا؟ أن أغمض عيني عن لوعة الأم وهي تلوّح لابنها الذي انتظرته طويلاً، طويلاً، قبل أن يأتي.. ثم رحل!.. أن أتفادى حزن الآباء ودموعهم.
الهوية العراقية، هي في الأساس هوية عربية بحكم التاريخ والثقافة والجغرافية والانتماء الوجداني، وإن اللغة العربية هي اللغة التي اختارها العراقيون، منذ ما قبل الإسلام، للتعبير عن فنّهم وثقافتهم
ولد ميثم راضي في مدينة صغيرة اسمها (العزير) على ضفاف الأهوار ودجلة، لكنه غادرها مع عائلته بسبب الحرب العراقية الإيرانية، ومكث في مركز محافظة ميسان جنوب العراق، يشعر دائما أنه نسي أجزاء منه خلفه في تلك المدينة.