الأهلي يهزم البايرن
قد يبدو هذا العنوان مبالغاً فيه أو حتى غير قابل للتصديق. لكنه هجمة مرتدة خاطفة على هذا السيل الجارف من التسليم بهزيمة الأهلي اليوم أمام بايرن بحصة عريضة قد تكون 8-2 على مقاس تاريخ اليوم.
الغريب أن هذه التوقعات المتشائمة جداً تصدر عن جماهير الأهلي أنفسهم، متناسين أن فريقهم منتصر أياً كانت النتيجة النهائية لثاني مبارياته في مونديال الأندية هذا العام. هذه حقيقة يجب ألا يتسرب إليها شك، خصوصاً أن آخر مشاركة للأهلي في كأس العالم للأندية كانت مخيبة، لأنه تذيل فيها الترتيب.
وإذا كان تشاؤم الجماهير قابلا للتفهم، فإنه سيكون انتحارا مكتمل الأركان أن يدخل موسيماني ومعه لاعبو الأهلي المباراة بيقين الواثق من أن الهزيمة واقعة لا محالة ولا سبيل إلى تفاديها.
يفترض ألا تكون هناك عقدة نقص في الاعتراف بأن البايرن متفوق على النادي المصري في كل شيء. رهبة الاسم وحده تكفي للتسليم بهذا التفوق. لكن التسليم بهذه الريادة يجب ألا يتحول إلى مشجب تعلق عليه راية الاستسلام.
أجمل ما في الكرة أن مبارياتها لا تكسب على الورق، وإلا ما اضطر البايرن نفسه إلى قطع مسافات طويلة إلى الدوحة للمنافسة على هذا اللقب، وما احتاج أصدقاء نويير إلى خوض مباريات الدوري الألماني أصلاً.
إذا هاب الأهلي البايرن أكثر مما ينبغي فليستعد للهزيمة بحصة غير قابلة للنسيان. أما إذا دخل بدون مركب نقص، فسيخلده التاريخ إما منتصرا بالأرقام أو فائزا بقلوب الجماهير حول العالم. وفي كلتا الحالتين بطل.
لنعد إلى أول نسخة من المونديال عام 2000 في البرازيل. وقتها شاركت ثمانية فرق منها كبيرا أوروبا مانشستر يونايتد الذي خطف عصبة الأبطال من ميونخ نفسه في آخر أنفاس المباراة النهائية بهدفين قاتلين للمدرب الحالي للشياطين الحمر سولسكايير، وريال مدريد الإسباني. من العرب شارك النصر السعودي والرجاء البيضاوي وأوقعتهما القرعة في مجموعة واحدة مع ريال مدريد وكورينتيانس البرازيلي الذي أحرز ذلك اللقب بعد مباراة نهائية مشوقة أمام مواطنه فاسكو دا غاما الذي كان يقوده الأسطورة روماريو.
ورغم خسارته في المباريات الثلاث إلا أن مشوار الرجاء في تلك البطولة يجب أن يكون ملهما للأهلي. وتبدو مباراة النسور الخضر أمام الريال أفضل سيناريو يمكن أن يواجه به المصريون الألمان اليوم.
المطلوب باختصار أن يقدم الأهلي مباراة رائعة فيها كرة جميلة وروح قتالية إن لم تنفعه في حسم نتيجة المباراة ستبقي رأسه عاليا مدى الحياة، تماما كما حصل مع الرجاء وجماهيره بعد مباراة ريال مدريد رغم خسارة المغاربة فيها بحصة 3-2.
الرجاء البيضاوي نفسه وصل إلى المباراة النهائية لمونديال الأندية ليخسر برأس مرفوع أمام بايرن بهدفين نظيفين. الأهلي يعرف جيدا هذا الأمر لأنه شارك في تلك الدورة وتذيل ترتيبها بشكل غير متوقع.
بعيدا عن تاريخ مونديال الأندية، ثمة شيء عودت عليه الكرة المصرية الجماهير: أن تكبر مع الكبار. وأبرز مثال على ذلك الأداء المبهر للمنتخب المصري في كأس القارات عام 2009 في جنوب إفريقيا. لا ينسى فوزه التاريخي على إيطاليا ومباراته البطولية أمام البرازيل رغم الخسارة بـ4-3.
قد يقول قائل: ذلك مع فريق الأحلام بقيادة الأسطورة أبو تريكة ونجوم كبار لا يتوفر عليهم الأهلي الآن؟ هذا صحيح. لكن نادي الأهلي الآن ليس سيئا بتاتا رغم أنه ليس في أفضل أحواله بدنيا ولا فنيا كما بدا جليا في مباراة الدحيل وآخر مباريات أبطال أفريقيا.
باختصار، إذا هاب الأهلي البايرن أكثر مما ينبغي فليستعد للهزيمة بحصة غير قابلة للنسيان. أما إذا دخل بدون مركب نقص، عارفا بحدود إمكانياته مراهنا على الروح القتالية والاستمتاع بالكرة لتقديم مباراة مشرفة، فسيخلده التاريخ إما منتصرا بالأرقام أو فائزا بقلوب الجماهير حول العالم. وفي كلتا الحالتين بطل.