البالونات... بهجة الطفولة
تنجح البالونات دوماً في صنع البهجة، فإضافتها لأيّ مناسبة، وأيّ مكان، وبأيّ طريقة تعدّ عنواناً كافياً للاحتفالات البهيجة؛ هي عنصر أساسي في أعياد الميلاد وحفلات النجاح ومناسبات الأطفال عامة، بل حتى مناسبات الكبار وأوقاتهم الرومانسية.
قضيت عيداً مختلفاً؛ ولظرفٍ ما، لم أتمكن من الخروج للتنزّه مع صغيراتي والاستمتاع بالعيد، وحزّ في نفسي أن تقضي طفلتاي الصغيرتان عيداً خاوياً، فخطرت ببالي فكرة شراء كمية كبيرة من البالونات متعدّدة الألوان والأحجام، وهكذا قضينا وقتاً طويلاً ننفخ البالونات، وكلّما ازداد حجمها في المكان ازدادت معها البهجة.
نجحت البالونات في ضخّ السعادة، وتعالت ضحكاتنا وتعلّمت معها طفلتاي دروساً جديدة: إننا إن نفخنا البالون أكثر من حجمه سينفجر في وجوهنا ويزعجنا (لعل هذا الدرس سيتطوّر يوماً ليسقطنه على أشياء أخرى في الحياة، وفي تعاملهن مع البشر). لقد تعلمت أيضاً، صغيراتي أنّ البالون المنفوخ بالهواء يجب ربطه فوراً وإلا سيتنكر لنا ويطير هارباً من النافذة، مصدراً صوتاً غبياً مثيراً للضحك!
فكرت حينها: من الذي اخترع البالون؟ لا بدّ أنّه كان شخصاً مرحاً رائق المزاج وباذخ السعادة؛ فالبهجة التي تصنعها البالونات لا تضاهيها بهجة، سواء تُركت حرّة أو جرى استخدامها للزينة عبر لصقها في الحوائط أو أيّ شيء آخر. لكنني حين بحثت عن اختراع البالون صدمتني معلومات مثيرة عنه؛ فقد اختُرع للمرّة الأولى من مثانة الخنزير في تجربة لقياس وزن الهواء! ثم جرى تصنيعه من أمعاء الحيوانات الأخرى. وفي عام 1824 قام الكيميائي، مايكل فاراداي، بقصّ بالونه من المطاط وضغط الحواف معاً وغلّف الجهة الداخلية بالدقيق لمنع التصاق المطاط ببعضه البعض. وبعد عام، جرى بيع أول بالون مخصّص للتجارب العلمية، وكان ذاتي الصنع مكوّناً من زجاجة من محلول المطاط ومحقنة التكثيف، وكانت طريقة مثيرة لقضاء فترة الظهيرة، سواء انتهى الحال ببالون محكم الأمر أم لا. في عام 1847، صُنعت بالونات من اللاتكس المطاط المفلكن المستخرج من أشجار مطاط هيفيا البرازيلية، وهناك اعتقاد بأنّ هذه البالونات هي أولى البالونات الحديثة التي لا تتأثر بالحرارة وملائمة للعب.
البهجة التي تصنعها البالونات لا تضاهيها بهجة، سواء تُركت حرّة أو جرى استخدامها للزينة
في عام 1899، وقع الطفل الإيطالي، أنجيلو روكا، البالغ من العمر 4 سنوات في حبّ البالونات، حينما كان في مصنع للبالونات في فرنسا، وفي الخامسة عشرة من عمره عاد إلى إيطاليا وأسّس أوّل شركة لتصنيع بالونات اللاتكس في كازالفييري، التي لا يزال مقرها موجوداً هناك حتى اليوم، ومن هناك تطوّرت وتوسّعت صناعة البالونات واستخداماتها وأغراضها.
كان عيد البالونات مميّزاً جداً؛ فقد نمنا وسط بحر من البالونات، وحين صحونا في اليوم التالي، فتحنا أعيننا على ألوانها المتعدّدة التي عايدتنا بالبهجة، ولا عجب فحين وقع طفلٌ في حبّ البالون أضفى عليه روحه المرحة الصافية، ومَهره بالجمال والألوان، لتظلّ البالونات الهدية المناسبة دوماً للأطفال، فهم لا يكتفون ولا يملون منها مهما اقتنوها.