الحدود الليبية... أخطار أمنية وجوار غير مستقر
صراعات ووضع أمني متردٍّ وأزمات تعاني منها العديد من بلدان القارة الإفريقية سمحت بانتشار التنظيمات المتطرفة وتنظيم "داعش" الإرهابي فيها، وأحد أهم العوامل التي أفضت إلى هذا الواقع المرير هو الصراع الليبي الذي بدأ بعد سقوط نظام حكم العقيد معمر القذافي عام 2011، فحالة الانقسام وتواصل انتشار المرتزقة والتدخل الخارجي بالسياسة الداخلية قد تكون تهديداً لاستقرار البلاد ولأهم استحقاق ينتظره الليبيون وهو الانتخابات المزمع إجراؤها في ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
أكثر ما يُثير المخاوف، ما سيترتب من نتائج على خلفية حادثة اغتيال الرئيس إدريس ديبي في تشاد، بعد هجوم شنته جبهة "التغيير والاتفاق في تشاد" المتمردة التي تنشط في ليبيا. إن حالة عدم الاستقرار في تشاد بعد وفاة ديبي قد تصب في مصلحة الجماعات الراديكالية التي تتحين الفرصة لتعزيز مواقع مسلحيها في البلاد أثناء وجود حكومة مركزية ضعيفة.
تحدثت مصادر عن تكثيف خلايا "داعش" النائمة نشاطها في الجنوب الليبي
كما كشف تقرير ميداني نشرته وكالة أنباء "فرانس برس" عن ضبط كميات كبيرة من مادة الحشيش المخدرة كانت متجهة إلى ليبيا وتقدر قيمتها بـ37 مليون دولار. التقرير نقل عن المكتب المركزي الوطني للشرطة الدولية "إنتربول" أن عملية الضبط أتت في سياق نشاطات شهري مارس/آذار وإبريل/نيسان الماضيين وتمت في مستودعات في النيجر شهدت مصادرة 17 طناً من الحشيش لتمثل أكبر عملية في تاريخ غرب أفريقيا. وأضاف المكتب أن الفترة الحالية تشهد زيادة ملحوظة في نشاط مهربي المخدرات الذين يستخدمون ليبيا كنقطة عبور.
في سياق مواز، تحدثت مصادر عن تكثيف خلايا "داعش" النائمة نشاطها في الجنوب الليبي، وتعزيز وجوها واتصالاتها بالجماعات الإرهابية المجاورة والمبايعة لها كجماعة "بوكو حرام" في نيجيريا، لاستخدام مقاتليها في مخططاتها الإجرامية في ليبيا.
وما يؤكد هذا الأمر هو خطف مسلحي بوكو حرام مئات القصر مساء الجمعة في منطقة كانكرا شمال غرب نيجيريا لحساب "داعش" في عملية إرهابية غادرة. إذ أكدت "بوكو حرام" في مقطع مصور أنها تحتجز 520 تلميذاً. وبحسب مراقبين، فمن المتوقع تهيئتهم وإرسالهم الى ليبيا وتشاد للقتال هناك تحت راية تنظيم الدولة.
ولعل تقاطع جميع هذه الجماعات المسلحة مع بعضها ومع "داعش" في هذه التجارة اللا أخلاقية، يجعلهم موحدين نوعاً ما ضد أي نوع من أنواع الاستقرار في البلاد، لأن مصلحتهم تبقى في ظل استمرار الفوضى والنزاع. إن الحدود المُستباحة والأزمات المتعاقبة، وعدم وجود قوة تستطيع المجابهة، كلها تشكل أرضية خصبة لعمل الجماعات المتطرفة واستمراريتها.