بروفا نهاية العالم
منذ الإعلان عنه في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعاد كورونا صياغة يوميات الإنسان حول العالم وقام بضبطها على توقيته، إفراغ الساحات العامة من زوارها، وبث حالة من الهلع أدت إلى خلق أزمة في توفر المواد بالأسواق عالمياً، بعد تدافع المستهلكين على شراء كميات كبيرة من السلع وتخزينها خوفاً من اختفائها.
أصبح الملايين مجبرين على أن يواظبوا على غسل أيديهم باستمرار ولمدة تزيد على 20 ثانية، مع أن هذا الأمر يفترض أن يكون عادة يومية سواء أكان هناك وباء أم لا، لكن هذه من ضمن قواعد كورونا التي فرضها على العالم، وعلينا جميعاً الالتزام بها.
كما أن هذا الوباء، أفرغ الساحات العامة والتي كانت لا تخلو يومياً من الزوار حول العالم، وأعاد الملايين إلى منازلهم، في مبادرة لإعادة اكتشاف العلاقات الإنسانية التي دمرها الروتين وضغوط الحياة العملية.
إذا، هي أزمة عالمية واحدة اسمها "كورونا" يشترك فيها الجميع، الصيني والأميركي والروسي والأوروبي والأفريقي والعربي وكل البشر على هذا الكوكب، كلهم لا حديث لهم سوى عن فيروس كورونا وتطوراته والأرقام المخيفة التي يحصدها يومياً، كأن الأمر أشبه ببروفا لنهاية العالم.
في زمن كورونا، عجلة النظام العالمي بانتظار إشعار آخر لتعود إلى الدوران بشكل طبيعي بدون كل هذا الهلع، المدارس والجامعات ورحلات الطيران ومعظم القطاعات الخدمية حول العالم تنتظر هذا الإشعار للعودة إلى وضعها الطبيعي نتيجة هذا الفيروس، الذي دفع بحكومات دول إلى إغلاق المطارات وفرض عزل كامل لبلدانها خشية تفشيه بصورة لا يمكن السيطرة عليها. لكن إلى متى؟
كل هذه الإجراءات التي اتخذتها دول العالم بدءا من الصين وانتهاء بالدول العربية، هي احترازية أولاً وأخيراً، فهل تعلم هذه الحكومات إلى أي مدى يمكن لبلدانها تحمّل هذا الوضع وخسائره الاقتصادية إذا ما استمر الفيروس في التفشي لأسابيع قادمة أو أشهر وربما أكثر؟
إذا ما عدنا إلى البدايات سنجد أن تعامل دول العالم مع هذا الفيروس وانتشاره بطريقة تعتيمية وإخفاء الأرقام الحقيقية عن الناس، هو ما أدى إلى تفشيه بهذه الصورة الجنونية، ولو أن هذه الدول كانت قد اعتمدت مبدأ الشفافية- كما يحدث إلى حد ما الآن- لكان الوضع أفضل ربما والسيطرة عليه أسرع، وما حدث في الصين وإيران خير مثال.
ورغم ما حدث في الصين وما يحدث في إيران وإيطاليا نتيجة هذا التعتيم ودخول البلاد في مرحلة عدم القدرة على السيطرة على الفيروس، تصر دول مثل مصر ونظام الأسد في سورية، على اتباع النهج نفسه، واللعب بالمواطن وحياته في سبيل عدم إظهار الحقيقة التي يظنون أنها قد تهدد سلطتهم.
حتى الآن استطاع هذا الفيروس أن يكون اللغة العالمية السائدة التي تتحدث بها شعوب العالم، فهل يدفع هذا الوضع بحكومات الدول إلى توحيد جهودها والتحدث باللغة الجماعية نفسها من أجل هدف واحد يتمثل في القضاء على هذا الفيروس بعيداً عن استثمار القضية سياسياً؟