ثم ابتسم!
عامٌ جديد... لن يأتي به "بابا نويل" مع هداياه، ولن يتسرّب إليَّ من أشجار الزينة وأضوائها الصناعية... هل سيتغيّر فيه ترتيب الأيام؟ أو أسماء الأشهر، أو درجة حرارة الفصول؟!
وهل يفترض بي أن أعلّق عليه آمالي؟ أم أن أواصل تعايشي مع الحسرة على الأحلام المؤجلة؟ أم أبدأ خطواتي بجرأة مشبعة بـ {فإذا عزمت فتوكل على الله}، وأنا موقنةٌ بأنّ الله سيرسل إليَّ ملائكته ليضيئُوا لي طريقاً جديداً أدلف به إلى عامي الجديد؟ فأتخفّف من مخاوف أهدرت سنوات طوالاً، سجينتها؟
هل تتدفقُ الحياةُ في أوجِ جمَالِها إلى روحي... ليبدأ عام جميل كجمال الابتسامات الصباحية، كفرحة طفل احتال للتو على والده ليقتني له حلوى أكثر! كدهشة طفل أمام لعبة يراها للمرّة الأولى، كحلم قرّر أن يوقظك من سبات (أنهكتك كوابيسه) لتنغمس في تجلياته لك بحلّة خرافية السعادة؟!
بالتأكيد سيكون عامَ خيرٍ ونجاحٍ وسعادة، وهذا ليس حلماً بل قناعة. هكذا سيكون حقاً، فأنا كلما رأيت حجم الخيبات التي أعدت تصنيعها وأحلتها إلى أفيون أمل أقتات منه، خَفَتَ تفاؤلي. ونفس الأمر يحصل، كلّما تذكرت الدمار الذي طاولني ونجوت منه بروحٍ أكثر بريقاً، وأيضا كلّما تأملت قدرتي على الاغتسال من تلك التجارب السامة التي غرقت فيها قبل أن أنطلق بروح أكثر نقاءً وتفاؤلاً!
تركت الأماني جانباً، وشققت الطريق لأحلامٍ مؤجلة، ثم قرّرت أخيراً أن أترجمها إلى واقع. أذكر، كم مرّة، نجوت من الموت والقتل، وما هو أقسى منهما، وكم مرّة عشت عمراً جديداً بمذاق حلم ونكهة القوة والانطلاق.
تركت الأماني جانباً، وشققت الطريق لأحلامٍ مؤجلة، ثم قرّرت أخيراً أن أترجمها إلى واقع
أتذكر كم غصّة بلعتها، وكم خيبة لفظتها، ثم نسجت لنفسي حياة أفضل حينما توقفت عن الحنين إلى الماضي، كلّ الماضي. أيضا، عن الحنين إلى استعادة أناي القديمة، بعد أن تقبلت ابتسام "الهجين"، التي هجنت ماضيها مع تجاربها لتكون شخصية جديدة، تتجدّد كل عام، بل كلّ يوم!
أخيراً، تخفّفت من تقريع ذاتي، واستخلصت من باقة أيامي رحيقاً أستقبل به عالمي الجديد، أصنع منه "ابتسامات" جديدة، حياة جديدة، إنجازات جديدة... حينها ردّدت بيقين "قل آمنت بالله، ثم استقم .."، قل آمنت بالله ... ثم ابتسم!