حوار بين مجهولين في الحب (1)
- هل حقا ما تقولينه؟
- هل تقول إنني أكذب؟
- لا، ولكن من الصعب تصديقك بعض المرات، فأنت امرأة معقدة كما تعلمين.
- لا أريد أن تصدقني، كل ما أريد أن تحس بما أقول.
- أنا أحس بكل شيء حولك، لكن لا أثق بكلامك أحيانا، يبدو لي غامضا بعض الشيء، وأتوجس خيفة من أن أصدقك يوما فأندم أياما.
- لا تصدقني إذن، هل تتذكر أول موعد لنا؟
- هل تتذكرين أنت؟
- بالطبع أتذكر، في هذا المقهى بالذات، كنا جالسين بصمت حاد، ننظر إلى بعضنا البعض بهدوء، وكأننا نتحدث بالصمت.
- أنا دائما أردد أن الصمت لغة للذين لا لغة لهم، أو للذين لا يعرفون كيف يتحدثون، الصمت ينقذهم.
- في ذلك اليوم، في ذلك الموعد، أظن أن الصمت أنقذنا.
- حقا؟
- بالتأكيد، كنا نتحدث بعيوننا، كنا لا نحتاج إلى أي كلمة، كانت حروفنا منقوشة في النظرات شبه البريئة التي حملقنا نحو بعضنا البعض.
- وماذا شعرت أنت في تلك اللحظات؟
- شعور غريب.
- هل يمكنك وصفه؟
- هذا ما الغريب فيه، لا يمكنني أبدا شرح ما أحسسته، عندما تحلل المشاعر، تفقد أحقيتها في الحقيقة وتصبح وهما.
- وهما جميلا ؟
- بل وهما فقط.
- وهل كان شعورك نحوي وهما؟
- جزء منه فقط، أم الأجزاء الأخرى فكانت يقينا، اليقين الذي نعرف بكل حواسنا أنه ملتصق بقلبنا بكل واقعية، فيبتعد الوهم تدريجيا عنا، حتى يختفي إلى الأبد، أو يظهر مجددا.
- ظهور الوهم من جديد دائما يخيفني.
- أنا على العكس تماما، ظهور الوهم يحفزني ويحمسني للبحث عن الصدق في حبنا من جديد، الوهم جزء هام من الواقع.
- حبنا ليسا وهما فحسب.
- بل حقيقة أيضا وربما أكثر..