ملف العنصرية: اليمني... لاجئ بلا لجوء ولا ملجأ (13)
منذ زمن، كان اليمن بلداً مرحّباً بكلّ الأشقاء العرب، إلى درجة أنني لا أكاد أقابل شخصاً عربياً من جنسيات متعدّدة، إلا ويحكي لي عن زيارته إلى بلدي اليمن، أو أنّ أحداً من أفراد أسرته كان يعمل فيها لسنوات، وعاد محمّلاً بمشاعر امتنان عظيمة وحبّ متفرّد للشعب اليمني المضياف الشهم، حتى أنّ أكبر مفخرة يتباهى بها أي عربي، تكمن في أن يقول: "أنا أصولي يمنية، وإن اليمن هو أصل العرب واللغة العربية الفصحى".
اليوم، وبعدما صار بلدي اليمن ساحة حرب غير مبرّرة ولا مفهومة، أصبح اليمنيون يلاقون المعاملة الدونية الشنيعة أينما ذهبوا، لم تعد العنصرية عرقية أو على أساس اللون فقط، بل صارت عنصرية مادية سياسية تُلاحق بسياطها اليمنيين، وتجعل منهم "ملعونين أينما ثقفوا". وبعدما كان الأفارقة هم من يعانون من العنصرية، وينتشرون في دول كثيرة كلاجئين؛ صار اليمني يتمنى لو يحظى بالتعامل الذي يتمتع به الأفريقي.
لم ينسَ اليمنيون الذين علقوا في مطارات العالم المعاملة اللاإنسانية التي عُوملوا بها حين اندلعت الحرب اللعينة في مارس/آذار 2015، ومنذ ذلك الحين، واليمني يُعامل بأسوأ وأدنى مستويات التعامل أينما ذهب.
وجد كثير من العرب والأفارقة فرص لجوء ومنحاً وهجرات... بينما ظلّ اليمني واقفاً في طابور لا يتقدم خطوة إلا إلى الإحباط والخذلان
وصلتُ ذات مرة إلى مطار دولة عربية، لم يكتفِ الشرطي بالتفتيش الروتيني لحقائبي وأمتعتي، بل طلب مني خلع حذائي وجواربي! بينما لم يطلب ذات الشيء من بقية المسافرين من ذوي الجنسيات الأخرى حينما مرّوا من نفس الطريق.
كثير من الأصدقاء هربوا من اليمن بحثاً عن فرص هجرة وحياة كريمة؛ لكنهم لم يتمكنوا من الحصول حتى على بطاقة (لاجئ)، وأقصى ما نجحوا في الحصول عليه ما يُسمّى بطاقة "ملتمس لجوء". فاليمن في نظر المعنيين مجرّد منطقة رمادية، لا هي مكان حرب ولا سلم! لذا، فاليمني لا يجد من التعاطف مع قضيته ما يستحقه كما يحصل مع غيره من الجنسيات الأخرى، حيث وجد كثير من العرب والأفارقة فرص لجوء ومنحاً وهجرات... بينما ظلّ اليمني واقفاً في طابور لا يتقدم خطوة إلا إلى الإحباط والخذلان.
حتى في ما يتعلّق بالمعاملات اليومية أو الاستثمارات، لا يزال اليمني مطالباً بإجراءات لا يخضع لها غيره من الجنسيات الأخرى نظراً للأزمات السياسية التي يمرّ بها البلد (فهناك الكثيرون ممن يرفضون إطلاق مصطلحات الحرب والعدوان على اليمن!). والغريب أنّ سياسيين ودبلوماسيين يجدون كلّ التسهيلات التي يحتاجونها للعيش براحة في تلك الدول لمواصلة تدمير بلدهم!
المواطن اليمني... عزيز العرب الذي ذلّ، يستحق الكثير من التقدير والحقوق والتعامل الإنساني، على الأقل مساواته بالإخوة الأفارقة الذين يضجرون من العنصرية التي يتعرّضون لها!