خروج حزب الله من سورية إلى فلسطين (2)
حسن نصر الله الذي وجه بنفسه رسائل لإخوته في القاعدة وداعش عن "الفخ الغربي العربي" وجّهت له عشرات الرسائل لكي يتوقف أمام لحظات تاريخية مفصلية قبل أن يتأخر الوقت. تأخر الوقت كثيراً واستعرت نار المذهبية... وفي الجملة الأخيرة ما وعدت الدكتور البني أن لا أنقل ما قاله، لكن ومن دون حتى التعريج عليه يبدو الأمر أوضح من "واضحات حسن نصر الله".
انتقاد موقف حزب الله من ناحية غرقه في وحل مختلط بدماء الضحايا، سواء في لبنان أم سورية، لا يعني أنك تنتقد باعتبارك في صف "الطائفة الأخرى".
بل، ولأننا لسنا عرباً تنابل، ولسنا كسالى، ولسنا من بقايا ما يسمونه ويا للأسف بلسان عربي "عربان البعير الذين يجب إعادتهم إلى حيث أتوا"...
الحركة الفلسطينية... استقالة عن "التحرر الوطني"
وبما أنه ما يزال ثمة أمل في العقل، على الأقل لدى من لا يرتضي تحويل مجريات ثورة شعب إلى تناحر مذهبي، يخرج منه نظام سفاح كمنقذ وأمين على العلمانية، كما ادعى دائماً في رسائله للغرب ولتل أبيب. فيمكن مرة أخرى طرح سؤال جوهري عن فداحة هذا الاستقطاب الذي خلقته عقلية "نعم أنا جندي في جيش ولاية الفقيه" لاستدعاء كم هائل من استفزاز في الطرف المقابل.
لكن أيضاً يمكن طرح سؤال أشمل، قد يحتاج لأكثر من هذه الكلمات، عن الحالة الرسمية الفلسطينية، فصائلياً أو سلطة، في أنها تستأسد وتتنمر حين يدلي شخص عربي برأي عن مسارات "حركة تحرر وطني" تعمل على جعل الاحتلال "خمس نجوم"، بينما تلوذ بصمت مطبق على ادعاءات سخيفة عن طريق القدس وقتل الشعوب باسم حماية القضية الفلسطينية، وتخصيص يوم القدس للمتاجرة بها، من باب ما تاجرت به الأنظمة الانقلابية العربية.
شخصياً لا تفرق كثيراً عندي إن كان الصمت الفلسطيني من جهة "يسار أو يمين أو إسلام وطني"، كمخترع لتصنيف ساحة يفترض أنها "حركة تحرر وطني". وما يفرق كثيراً هو تصديق أوهام أن حسن نصر الله سينسحب من سورية إلى فلسطين...
المقدمات العوراء تؤدي دائماً إلى نتائج كفيفة، بكل ما تحمله من تخبط وازدراء للعقل...
حسن نصر الله لعب مع بشار وطهران لعبته المفضلة في استجرار الطائفية، من اليمن إلى سواحل المتوسط، في منافسة سخيفة مع تيار سني مقابل، وجد في الثورات العربية ضالته ليركب موجتها بتصدير ما يسمى "شرعيين" وغير شرعيين، لا يختلفون كثيراً عن نعيم قاسم و محمد يزبك صاحب مقولة آخر السنة التي ودعناها: "أرهبنا العدو الإسرائيلي واستطعنا الانتصار عليه من خلال ثباتنا في سورية".
بشعارات "الموت لأميركا... اللعنة على إسرائيل..." ضحي بالشباب العربي ووقف معممون، تاريخهم مع العبوات وكواتم الصوت اغتيالاً، تاريخ موثق منذ ما قبل مهدي عامل وحسين مروة...
الخلاصة: حسن نصر الله وحزبه عالقان حيث أريد لهما من قم وطهران... وغيرهما عالق في الوحل ذاته الذي أطلقوا منه في ديسمبر 2011 ويناير 2012 من مسالخ بشار وأبيه... وبعضهم جيء به على متن طائرات "الإمبريالية الأميركية"، وبرضى وقبول نوري المالكي، قبل أن يلحس بصقته عن الأربعاء الدامي، واتهام معسكرات اللاذقية بتصدير الموت إلى بغداد...
ولماذا لا تكون طهران سعيدة بكل هذا الذي أنجزته على الطريقة الصهيونية:" عرب يقتلون عرباً"...؟