احتضنت مدينة فاس آنذاك، وكانت عاصمة الدولة المغربية التي حافظت على استقلالها ولم تُحكم من قبل الإمبراطورية العثمانية، اجتماعات الوجهاء والأعيان والأمراء وأصحاب الحرف الذين اصطفوا جميعاً مع سلطانهم ضد أي تدخل أجنبي، واستمرت الحال كذلك حتى وقّع السلطان عبد الحفيظ على اتفاقية الحماية التي تجيز للفرنسيين احتلال البلاد عام 1912.
"تاريخ استعمار المغرب 1894 – 1961" عنوان الكتاب الذي ألّفه الباحث الإسباني خوسيه أنطونيو غونزاليس ألكانتود، وتُعقد حوله ندوة عند السابعة من مساء غدٍ الإثنين في "البيت العربي" في مدريد يتحّدث خلالها أستاذ التاريخ فيكتور موراليس ليزكانو إضافة إلى المؤلّف.
يضيء الكتاب على مرحلة مهمة بدأت برحيل السلطان مولاي الحسن الأول الذي تمكّن من صدّ الأطماع المتزايدة للأوروبيين، وتنتهي برحيل محمد الخامس الذي أصبح أول ملك مغربي بعد الاستقلال عام 1956، والتي شهدت تقاسماً بين إسبانيا التي حكمت شمال المغرب والصحراء وفرنسا التي حكمت جنوبه.
يدرس ألكانتود رؤية الاستعمار في ما سمّي بـ"الحكم غير المباشر" عبر الإبقاء على جهاز الدولة وموظفيه، كما يستعرض الدسائس والمكائد التي كانت تدار في القصر الملكي، وكيف سيطر المستعمر على ثروات البلاد واقتصادها، بالاعتماد على التسلسل الزمني للأحداث والمحطات الرئيسية الداخلية والإقليمية والدولية.
ويناقش القضية الأكثر حساسية والتي تتعلّق بجدلية الاستعمار والتحديث والسجالات التي دارت حينها بين تيارات المجتمع المغربي، وتناول التغيّرات التي طرأت على نظام الحكم والإدارة وخاصة ما يتصل بآليات النظام المالي وجباية الضرائب وأنظمة الرقابة عليها وإدارة الجهاز التعليمي والتربوي والنظام القضائي، وكذلك بحث التحوّلات في أنظمة التشريعات والبنى التحتية.
يُذكر أن خوسيه ألكانتود يعمل مدرساً للأنثروبولوجيا الاجتماعية في "جامعة غرناطة". له عدّة إصدارات منها "أسطورة الأندلس: أصول المثال الثقافي وحاضره" (2014)، و"الأندلس والأندلسي: الأندلس في السرد التاريخي الإسباني" (2017).