كما أصدر الباحث بكّار غريب كتاباً بعنوان "الطاهر الحدّاد.. فكر للتحرر" العام الماضي، توقّف فيه عند مساهمة المنظّر والكاتب التونسي (1899 – 1935) في تثبيت ركيزتين أساسيتين من ركائز الأنموذج المجتمعي التونسي ألا وهي "مجلة الأحوال الشخصية" و"اتحاد الشغل" واللذان يُنظر الى تونس بفضلهما كاستثناء مجتمعي عربي.
منذ أيام، صدرت النسخة الفرنسية من كتابه الأبرز "امرأتُنا في الشريعة والمجتمع" (الطبعة الأولى عام 1930) عن "معهد تونس للترجمة" بالاشتراك مع "دار محمد علي للنشر" بترجمة الباحثة والأكاديمية التونسية منوبية بن غذاهم.
يشتمل الكتاب على قِسمَين؛ تشريعي واجتماعي، دَعا خلالهما مؤلّفه إلى تحرير المرأة التونسية لتكون رفيقةَ درب الرجل في بناء الأمة، والكفاح لنيل الاستقلالية والتمتع بالحقوق الأساسية، كالتعليم والصحة والشغل والانتخاب.
شكّل هذا الموضوع انشغالاً أساسياً لدى الطاهر الحداد ضمن سياق عربي طرح في تلك المرحلة الأسئلة المركزية للنهضة، مستنداً في مقاربته إلى آراء عدد من رجال الدين المستنيرين آنذاك، ومنهم الحطاب بوشناق، وعثمان بن الخوجة، وعبد العزيز جعيط، والطاهر ابن عاشور، وبلحسن النجار، وأحمد بيرم.
وخلص في نهاية القسم الأول إلى أن التأكيد على أن المتأمل في نصوص الشريعة الإسلامية ومراميها يجد أنها تريد أن تذهب بالمرأة مع الرجل مذهب المساواة في مختلف وجوه الحياة، داعياً إلى تغيير النظرة إلى النساء كأساس لتطوّر المجتمع وتقدّمه.
وقدّم الحداد في القسم الثاني برنامجاً اصلاحياً يتضمّن آراء مفصلة في تعليم الفتيات وتدريبهن على الصنائع، ونشر الثقافة الزوجية وتشجيع الاختلاط، ودعم أواصر الإحترام والثقة بين الزوجين، والعناية بالظروف الصحية للأطفال والعائلة، وتجنب الزواج بالإكراه والزواج المبكر، والتخلّي عن العادات السلبية، التي تضر بالحياة الزوجية، منتقداً التأويل المتعسّف والسلبي للنصوص الدينية والإصرار على تغافل الكثير من حقوق المرأة التي لم تتسطع الحصول عليها لأسباب مختلفة.