بين عامَيْ 2016 و2017، نفّذت الفنانة العراقية هناء مال الله عملها "طائرة بدون طيار تضرب زقّورة أور" الذي يتكوّن من رسومات وطباعة فوتوغرافية كبيرة الحجم وعملَيْ فيديو وهولوغرامٍ معماريّ يحاكي الموقع الأثري الذي بناه السومريون قبل أربعة آلاف عام، وتمّ قصفه خلال العدوان الأميركي عام 1991، ما خلّف أضراراً لا تزال إلى اليوم.
واصلت مال الله العمل على مشروعها "أطلال متزامنة: استكشاف الجانب الرافديني من العراق من خلال الفن المعاصر" بمشاركة ستّة فنانين آخرين، وهو مشروعٌ يُقَدّم في معرض يحمل العنوان ذاته وافتُتح في "غاليري بروناي" بـ"كلّية الدراسات الشرقية والأفريقية" (سواس) في لندن منتصف الشهر الماضي ويتواصل حتى التاسع عشر من الشهر المقبل.
يتعامل المشروع مع الحضارات العراقية كفمهوم وليس كإرث
تستكشف الأعمال المعروضة أربعة مواقع أثرية عراقية تعرّضت إلى الإهمال خلال العقود الثلاثة الأخيرة، من خلال إعادة تمثّلها بوسائط تكنولوجية حديثة لخلق فهم بصري جديد يتيح للزوّار التفاعل معها في اللحظة الراهنة، والتعرّف على السياقات السياسية والاجتماعية التي انعكست سلباً على عمليات حفظ التراث.
تضيء فاطمة جودت في فيديو بعنوان "غبار ميسوبوتاميا: الأرض والفضاء" الزقورات في مناطق مثل نيبور القديمة والقادسية، وتظهر فيه المعابد التي بُنيت باستخدام الطوب المحروق على شكل مدرّجات، وهو أحد الطرز المعمارية التي انتشرت في العراق وسورية، وتبدو مهجورة لا يُسمع فيها إلّا صوت الريح.
أمّا محمد عبد الوصي، فيعرض عملاً يتكوّن من وسائط متعدّدة بعنوان "أغطية الرأس" ويؤرشف فيه لحظة دخول قوّات الاستعمار البريطاني إلى موقع بابل الأثري عام 1917، حيث يلوّح الجنود بقبّعاتهم في لقطة من الفيديو أثناء ركوبهم على أسد بابل، بينما يقف الحارس العراقي صامتاً.
في عملها "النزول إلى القمة"، تصوّر ريا عبد الرضا نفسها على قمّة زقورة أو باستخدام طائرة بدون طيّار (درون)، وهي تصلّي، بينما تقدّم روزكار مصطفى فيلماً وثائقياً بالاشتراك مع فاطمة جودت بعنوان "بقايا الطريق إلى نمرود"، والذي تمّ تصويره دخل منزل بعثة التنقيب الأميركية في موقع نفر بالفرات الأوسط، حيث تبرز الكتابات والرسوم على جدران المنزل.
"أرقام لقى وادي الرافدين: العراقيون كلُقى آثارية" عنوان العمل المشترك الذي نفّذته مال الله مع الفوتوغرافية بتول مهدي، حيث يعكس العلاقة التي تجمع العراقيين بالقطع الأثرية التي تتنشر على طول البلاد من خلال تصوير العراقيين الذي يعيشون بالقرب من الآثار بأرقام على جباههم، لخلْق رابط بين كلّ شخص وقطعة أثرية قديمة تحمل ذات الرقم المَتْحفيّ في "متحف الآثار" ببغداد.
كما يشارك في المعرض الفنان العراقي الأميركي مايكل راكويتز بعمل مفاهيمي حول الآثار العراقية في زمن الاحتلال، في محاولة لإعادة بناء افتراضي للعديد من النقوش التي تمّ العبث بها وتخريبها منذ عام 2003، ومنها نقوش قصر نمرود الآشوري.
يُذكر أن المشروع قابل للتطوير والتوسّع من خلال مشاركة فنانين آخرين للعمل على وادي الرافدين كمفهوم وليس كإرث، ويستند إلى بحث نظريّ قام به كلّ من زينب بحراني وبول كولنز ومو ثروب وآني وبستر وهناء مال الله.