أرشيف لتصاميم أغلفة الكتب العربية، فكرة تحولت إلى منصة (ABCDA) على إنستغرام أطلقها المصمّم والباحث المصري محمود الحسيني، مؤسس مبادرة مستودع التصميم. هناك، يمكن تقليب أغلفة من فترات مختلفة وبأساليب تصميم متعددة، بعض الأغلفة تشعرك بالنوستالجيا، وكلها تشبه العصر الذي أنتجت فيه وتستلهم من روحه والثقافة البصرية السائدة في وقته.
في المنصة التي أطلقت بدعم من مؤسسة "بروهيلفتيا كايرو" السويسرية، نعثر على أغلفة كلاسيكية الطابع، وأخرى توظف الصورة الفوتوغرافية، بعضها مكتظ بالتفاصيل، وبعضها بسيط، معظمها من دور نشر مصرية، بعضها يمكن أن تخمن اسم المصمم من أسلوبه أو الدار التي نشر فيها الكتاب، ولكن معظمها لغاية الآن، ينقصه معلومات أساسية مثل اسم المصمم وسنة الصدور.
يقول الحسيني "تعد المحفوظات مصدرًا رائعًا للمعلومات التي تأتي من الحفاظ على المواد التاريخية. مع ذلك، ولأسباب عديدة، نادرًا ما تكون متوفرة في البلدان العربية وخاصة في المناطق العامة. عادة ما تكون المحفوظات نقطة انطلاق رائعة لمشاريع البحث والنشر حول أي مجال، ولأننا نفتقر إلى وجود أرشيفات مناسبة، فإن العديد من معارفنا غير متطورة ويتم استبدالها بالمعرفة الغربية باعتبارها الشكل الوحيد للمعرفة الموجود".
يضيف في حديث إلى "العربي الجديد" أن "المحفوظات هي تاريخ، وبالنسبة إلي، كانت هذه مشكلة لأنني كنت أحاول إلقاء نظرة على تاريخ تصميمنا، ولم أجد شيئاً. لذلك، قررت إنشاء أول أرشيف عام يمكن الوصول إليه لهذا المجال المحدد، ووجدنا أن مبادرتنا أطلقت مبادرات إقليمية مماثلة مدهشة وهناك حاجة إلى المزيد. اهتمامي واسع ولكنه يركز بشكل عام على التصميم العربي وتاريخه وحاضره ومستقبله. تشمل اهتماماتي أيضًا النظرية والنقد الثقافي وتاريخ الفن وعلم النفس والأنثروبولوجيا".
حول مصادر الأغلفة وطرق جمعها، يذكر الحسيني أن مبادرة الأرشيف إقليمية أي أنها تضم أشخاصاً من بلدان عربية مختلفة؛ أميمة الدجاني من فلسطين ويمان طعمة من لبنان وهناك أشخاص من المغرب وتونس ومصر ويعمل أيضاً كريم فؤاد كباحث غير متفرغ.
يوضح "هدفنا هو إنشاء أرشيف غلاف كتاب "عربي"، وليس مصريًا. نجمع أنا والفريق (كل منا في موقعه) أغلفة الكتب من كل مكان ممكن تمامًا. من الناشرين، والمصممين، والمجموعات الشخصية، والأصدقاء أو العائلة، وأسواق كتب الشوارع، وكل مكان ممكن نذهب إليه ونقوم بمسح الكتب ضوئيًا بأنفسنا أو الإشراف على عملية المسح الضوئي".
يؤكد الحسيني أن الأرشيف لا يتعامل بالمطلق مع الأغلفة المتاحة في Google، "لأننا لا نستطيع التحكم في جودة عمليات المسح (وهي الأولوية الأولى بالنسبة لنا، لذلك عندما نوفر المواد للباحثين للنظر فيها ودراستها، نوفرها بجودة عالية. أيضًا، نقوم بجمع معلومات أخرى حول كل كتاب تتطلب منا مراجعة الكتاب نفسه لجمع تلك المعلومات. هذه المعلومات ضرورية للباحثين لإجراء البحوث، على سبيل المثال: المؤلف، سنة النشر، المصمم، النوع، الموقع..إلخ".
الأرشيف لا يتعامل بالمطلق مع الأغلفة المتاحة في Google
نسأل الحسيني عن الملامح المشتركة بين التصاميم العربية على اختلافها؛ يقول "هناك الكثير من الأنماط التي تظهر أثناء قيامنا بجمع الكتب، لكننا لا نركز على تحليل تلك الأنماط. ومع ذلك، نلاحظ أن هناك خصائص محددة تميز العصور المختلفة وأيضًا تحدد الأنواع المختلفة، وحتى الموضوعات المختلفة. على سبيل المثال، هناك استخدام شائع واضح للوحة الألوان الأحمر والأسود مع أي شيء مرتبط بإسرائيل أو الحروب الإقليمية".
وعن الفترة التي يحاول الأرشيف تغطيتها يبيّن الحسيني "يهتم أرشيفنا بجمع الكتب للمساعدة في فهم التصميم الغرافيكي الحديث، ولذا فإننا نقصر نطاق الأرشفة لدينا في الوقت الحالي من منتصف الأربعينيات إلى منتصف التسعينيات. لكن، لدينا بعض الكتب من الثلاثينيات، والتي لم يكن بها الكثير مما يمكنك تسميته "التصميم"، ولكن كان فيها بعض تخطيطات الطباعة الميكانيكية المثيرة للاهتمام".
نأمل أن يوفر الأرشيف نقطة مرجعية جيدة للمصممين للنظر في تاريخنا
يبدو موضوع أغلفة الكتب العربية وجمالياتها اليوم موضوعاً مثيراً للنقاش، فكثيرون يزعمون تردي ثقافة تصميم الكتب، عن رأيه في الأغلفة اليوم مقارنة بالماضي يرى الحسيني "شخصيًا، لا أرى أي شرارة في تصميمات أغلفة الكتب الحالية لدينا وعلى نطاق أوسع أغلفة كتبنا العربية بشكل عام، لكننا نأمل أن يوفر الأرشيف نقطة مرجعية جيدة للمصممين للنظر في تاريخنا وعلى الأقل أن يكون مصدر إلهام.
الثقافة العربية عرفت مصممين، هم في الأساس فنانون تشكيليون، مثل نذير نبعة ويوسف عبدلكي في سورية وضياء العزاوي في العراق وإميل منعم من لبنان ومحي الدين اللباد من مصر، نسأل الحسيني عن أبرز المصممين العرب في مجموعة الأرشيف فيقول "جاء حلمي التوني على رأس قائمة الخمسة الأوائل".
عن تطلعاته لأخذ الأرشيف إلى ما هو أبعد من جمع صور الأغلفة، يبين الحسيني أن فريق العمل على الأرشيف انشغل خلال الفترة الماضية "فقط بالتجميع والتنظيم. بمجرد الانتهاء من ذلك، سننشر المزيد من المواد عبر الإنترنت حتى يتمكن الأشخاص من الوصول إليها وإجراء مزيد من الدراسة".
أرشيف غلاف الكتاب العربي يؤكد في تقديمه أنه أطلق "ليكون بمثابة مادة تعليمية للآخرين، لا ندعي حقوق التأليف والنشر لأي من التصميمات. هذا الحق محفوظ لكل دار نشر ومصمم العمل. لن ندعم نسخ هذه المواد لأي استخدام تجاري دون الحصول على حقوق التأليف والنشر بشكل قانوني".