صوّر اليونانيون القدامى "إفروسيني"، إلهة البهجة والفرح وفق معتقداتهم، ترقص مع شقيقتيها تاليا وأغليا حيث وُجدت لتملأ العالم بلحظات المتعة وحسن النية، كما يقول الشاعر اليوناني بندار الذي عاش خلال القرن الخامس قبل الميلاد، واختلفت الروايات حول نسبهن إن كانت الشقيقات الثلاث بنات زيوس أم سليلات الآلهة البدئية (الليل والظلام).
وحظيت هذه الإلهة باهتمام الفنانين منذ عصر النهضة من أمثال الإيطالييْن بريمافيرا بوتيتشيلي في لوحة رسمها مع أختيْها وأنطونيو كانوفا بمنحوتة من الرخام الأبيض استنسخها عدّة مرّات، وكذلك الإنكليزي جوشوا راينولدس، كما استحضرها الشاعر جون ميلتون في إحدى قصائده.
حتى التاسع من الشهر الجاري، يتواصل معرض "إفروسيني" للفنانيْن التشكيليين الأردنيين خالد وسمر طرزي في "غاليري رؤى 32 للفنون" بعمّان الذي افتتح في السادس عشر من الشهر الماضي، وفيه استحضرا الأسطورة اليونانية في أعمال اعتمدت تشكيلات هندسية زخرفية بالدرجة الأولى.
استفاد الفنانان من خلفياتهما الأكاديمية، حيث درّس خالد العمارة والتصميم والخزف لأكثر من ربع قرن، وتخصّص في الدكتوراه في التكوينات الحسابية على مستوى أساسيات التصميم الذي تعامل مع إنشاء التكوينات الشكلية باستخدام برامج الكمبيوتر.
في الأواني الخزفية التي صمّمها، يستعيد بنات زيوس "الجميلات الثلاث" اللواتي كنَّ يرقصن، في حضرة إلهة الجمال أفروديت ورفيقها إيروس، في دائرة، على أنغام موسيقى أبولّو الإلهية لإسعاد الضيوف، متكئاً على شكل الدائرة وتكوين الحركات الانسيابية، مع البقاء داخل الدائرة، وبالتالي تحدي كل من قوى الالتواء والجاذبية. تمثّل الأواني الراقصات بالشكل، مدعّمة بالحفر على بعض الأجزاء لكشف النقاب عن طبقات القماش المتدفق والمتطاير. وقد اهتم الفنان بوضع الخليط الخاص من الطلاء الزجاجي والأكاسيد إما بدقة أو بشكل عشوائي، على أجزاء معينة، لإعطاء طبقة/ نسيج آخر من البهجة.
أما سمر التي تخصّصت بتنسيق المواقع المعمارية وفنون الغرافيك، فتحافظ على رؤية شاملة في التصميم قائمة على دمج العلم والفن والروحانية، وكتبت في تجربة "الفن كعلاج" لإنتاج اثنين من سلسلتها لكتب التلوين للأطفال.
وذهبت إلى الميثولوجيا اليونانية، واستلهمت إفروسيني، لتمثل في لوحاتها الرقصات البهيجة للجميلات بدءاً من الدائرة التي تنمو إلى خطوط هندسية إلى التكوينات المرحة بالأبيض والأسود، أو إلى تحوّلات شكلية ولونية متدفقة باستخدام الألوان المائية أو الأكريليك على وسائط مختلفة. وكما أن اللوحات الناتجة تكونت لتمثل الرقص في الحياة، كذلك شكلت لسمر مصدر فرح وجمال وسلام.