لعلّ إعادة قراءة العلاقة بين الأديان الكبرى اليوم تمثل أولوية، حيث إن الكثير من الظواهر السلبية التي تعرفها البشرية اليوم تتفرّع عن المسائل الدينية، خصوصاً في بناء التمثّلات بينها، وهو ما يجعل من مثل هذه الأسئلة راهنة وملحّة.
عن مركز "دراسات ثقافات المتوسط"، صدر مؤخراً كتاب "الإمام والكاردينال ومعارج الإيلاف" للباحث التونسي عز الدين عناية، وفيه يحاول تقديم قراءات مؤنسنة للعلاقة بين الإسلام والمسيحية بعيداً عن القوالب المكرّسة.
يتطرق الكتاب إلى مسألة التواصل بين الأديان. يشير المؤلّف إلى أنه "ممّا يُلاحَظ في واقع الأديان الراهن، أنّها لا تملك خطَّة واضحة مستقلَّة عن الخيارات السياسيَّة والتوجُّهات الأيديولوجية للقوى المتحكِّمة بمصير العالم. فغالبًا ما ينضمُّ رجل الدِين إلى جوقة القوى المتنفِّذة، دون قدرة على إدخال أيِّ تحوير على استراتيجياتها بما يراعي الرصيد القِيَمي المفتَرض تمثيله، فالأديان اليوم تشكو من فقدان رابطة روحية أو أساسات خُلُقية جامعة بينها. وهو ما يُملي ضرورة العمل على استعادة ذلك الرصيد القِيَميِّ، وعدم الانجرار وراء سياسات القوى الكبرى، التي أفرغت المؤتلف الإنسانيِّ من دلالته الحقيقيَّة، وحوَّلتهُ إلى خطاب فاقد للمعنى".
يُذكر أن عناية أستاذ في جامعة روما ضمن تخصّص دراسات الأديان، من مؤلفاته: "الدِّين في الغرب" (2017)، و"الأديان الإبراهيميَّة" (2013)، فضلًا عن عدد هامٍّ من الترجمات، منها: "المُنَمْنَمَات الإسلاميَّة" لماريا فيتوريا فونتانا (2015)، و"علم الاجتماع الدِّينيِّ" لإنزو باتشي (2011)، و"علم الأديان" لميشال مسلان (2009).
يفرد المؤلف فصولاً لعرض الدِين في المجتمعات المُعَولَمَة، المسيحيَّة والإسلام في حقبة ما بعد العلمانيَّة، وجدل الدِين والعَلمَنة والحداثة، الدِين وقضايا الديمقراطيَّة والتعدُّديَّة، الأديان أمام تحدِّيات التعايش، قضايا الهجرة وسياسات الاندماج، الحراك الدِينيُّ العالميُّ، تسيُّس الدِين وتديُّن السياسة، الخطاب الكنسي.