ترتبط موسيقى الشعبي بـ حيّ القصبة في مدينة الجزائر العاصمة. ففيه ظهرَت، خلال عقد العشرينيات من القرن العشرين، على يد فنّانين من أمثال مصطفى الناظور (1874 - 1926) والحاج مريزق (1912 - 1955)، قبل أنْ يُدخِل عليها محمّد العنقى (1907 - 1978) - وهو مِن مواليد القصبة أيضاً - أوّل وأكبر ثورةٍ عليها، حين أنزلها مِن مجالس الأغنياء والحكّام إلى الأحياء والمقاهي الشعبية التي استمدَّت منها اسمها.
"القصبة تحتفل بالشعبي" عنوانُ تظاهُرة احتضنها الحي العتيق أمسِ السبت لمناسبة مئوية ميلاد هذا الفنِّ الذي سيظلُّ يشهد مُحاولات تثوير مستمرّة؛ من بينها ما قام به دحمان الحرّاشي (1926 - 1980) الذي ترك قصائد شعراء الملحون الكلاسيكية جانباً، وأخذ يُغنّي عن هموم الجزائريّين المرتبطة بالهامش والهجرة.
توزّعت فعاليات التظاهُرة، التي نظّمتها "جمعية شباب مواهب" المحلّية، بين شوارع القصبة ومتحفَي "الفنون التقليدية والشعبية" و"المنمنمات والخطّ"؛ وهما قصران يعود بناؤهما إلى الفترة العثمانية. وتضمّنت عروضاً موسيقيّةً في فنّ الشعبي أدّاها مغنّون شباب، ومعارض حول الحرف التقليدية والآلات والموسيقية وفنّ الخزف، إلى جانب توقيع كتبٍ لمجموعة من الباحثين.
كما تضمّنت التظاهرة ندوةً أُقيمت في "متحف المنمنمات والخطّ". وكان مِن بين المتحدّثين فيها الباحث في الموسيقى نور الدين مسعودي، الذي أشار إلى أنّ فنّ الشعبي وُلد وانتشر في حيّ القصبة العريق الشعبي على أيدي أبناء الحيّ القادمين مِن مناطق مختلفة في الجزائر، قبل أن ينتشر في مُدن أُخرى مثل مستغانم وبجاية وقسنطينة وغرداية.