في كتابه "الفتوحات المكية"، نظر ابن عربي إلى الإنسان بوصفه مظهراً كونياً يشمل جميع المعاني الإلهية، وأنه صورة للعالم لكونه يجمع في نشأته كل مكوناته، مطلقاً عليه تسمية "العالم الصغير"، حيث أراد الله كمال هذه النشأة الإنسانية، وأعطاها جميع حقائق العالم، وتجلّى لها في جميع الأسماء كلها، وجعلها روحاً للعالم، فلو فارق العالم هذا الإنسان مات العالم، بحسب تعبيره.
"الكوني في التراث الصوفي" عنوان الندوة التي انطلقت أعمالها عند التاسعة من صباح اليوم الخميس في "المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون/ بيت الحكمة"، في قرطاج بالقرب من تونس العاصمة، وتتواصل حتى مساء غدٍ، بالتعاون مع "الجمعية التونسية للدراسات الصوفية" (صفاء).
ويشير بيان المنظّمين إلى أن "الكوني في الفكر الإنساني يطرح إشكاليات عدّة، انطلاقاً من مفهومه، وصولاً إلى طبيعة وجوده وكيفية تشكّله وتفاعله مع المختلف المعرفي والثقافي. فهل الكوني في مفهومه هو الكلي في مقابل الجزئي، سواء تعلق الأمر بالكون أو الإنسان؟ هل هو العام في مقابل الخاص والموضوعي في مقابل الذاتي، أم هو المطلق في مقابل النسبي؟ ثم هل للكوني في ذاته وجود حقيقي ويتسم بناءً على ذلك بالواقعية، أم هو مجرد مفهوم ينتجه الفكر وتعبّر عنه، اللغة، هل يحيل الكوني على ما هو كائن أم على ما يجب أن يكون؟".
يناقش المشاركون التصوف في برامج التعليم، والتصوف والروحانيات إبداعاً فنياً
ويناقش المشاركون محاور أساسية، منها: إشكالية الكونية في صلتها بالتصوّف، وبين التصوّف وسائر الروحانيات قديماً وحديثاً، والتصوف والروحانيات النسوية، ومنزلة التصوف والتجارب الروحية في برامج التعليم، والتصوف والروحانيات إبداعاً فنياً.
وتتضمّن الجلسة الأولى ورقة بعنوان "تأويل الكوني في التراث الصوفي" لمريم جاب الله، و"الكون من منظور صوفي" لتوفيق بن عامر، و"كونية التصوف بين الممارسة السلوكية والواقع الدعوي" لعزيز الكبيطي إدريسي الحسني، و"التأويل الصوفي للآيات الكونية في القرآن بين التحديد الدلالي والإطلاق الإشاري: لطائف الإشارات للقشيري أنموذجاً" لأسماء خوالدية، كذلك يحاضر محمد الحبيب المرزوقي في "الروح والبرهان العقلي"، وصفاء بطي في التيجانية وامتداداتها جنوب الصحراء، وعبد القادر النفاتي في البعد الكوني في تجربة الإصلاح عند سعيد النورسي، وسامية فطوم في الرؤية الكونية في الأنطولوجيا العرفانية لدى ابن عربي.
وفي الجلسة الثانية، يقدّم محمد بوهلال مداخلة بعنوان "روحانية الغزالي: تنازع الذاتية والنظام"، وهشام عبيد مداخلة بعنوان "غنوصية الحلاج"، وسارة الجويني حافيز مداخلة بعنوان "مظاهر السلم في الفكر الصوفي"، واحميدة النيفر مداخلة بعنوان "روحانية التميز والتعارف في رحلة البيروني: قراءة في كتاب تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة"، وسعاد الجويني مداخلة بعنوان "الكوني والعرفان عند صدر الدين الشيرازي"، وناجية الوريمي مداخلة بعنوان" الروحانيات في تصور ابن خلدون للعمران"، ومحمد رياض الحويذق مداخلة بعنوان "مبادئ الجماعة الصوفية بين النظري والواقعي"، ولطفي عيسى مداخلة عن "صورة المسيح في مدونة الإنشاد الصوفي التونسي".
وتناقش جلستا الغد "الخصوصية والكونية"، و"كونية الإبداع"، بمشاركة مقداد عرفة منسية، وسعيد الشلبي، وصابر السويسي، وعبد السلام الحمدي، ومحمد الحاج سالم، وعادل بالكحلة، وغفران حسايني، وفتحي التوزري، وهشام بن عمر، وثريا بن مسمية، وريم بالطيب، ومحمد الكحلاوي، وحسان بن زايد، ومعز الزموري.