"تاريخ مفعم بالأمل": إعادة فحص المعرفة

05 فبراير 2022
من لوحة لـ شارل خوري/لبنان
+ الخط -

منذ صدوره في 2019، عرف كتاب "الجنس البشري.. مستقبل مفعم بالأمل"، للباحث الهولندي روتغر بريغمان، نجاحاً سريعاً، فوصل من خلال الترجمات بسرعة إلى مستوى عالمي حين نُقل إلى الإنكليزية والفرنسية في 2020، ومؤخراً صدرت النسخة العربية من الكتاب بترجمة محمد إبراهيم الجندي.

صدرت الترجمة عن "دار التنوير"، وقد ورد في الفقرة التي اختارتها لتقديم الكتاب: "لو كان هناك اعتقاد جامع لطرفي النقيض من بين علماء النفس والفلاسفة والمفكرين القدماء والمعاصرين، فهو الافتراض الضمني بأن البشر أشرار. إنه مفهوم احتل عناوين الصحف وشُكّلت القوانين التي تحكم حياتنا على أساسه: فمن ميكيافيللي إلى هوبز ومن فرويد إلى بینكر، زُرعت جذور هذا الاعتقاد عميقاً في الفكر الغربي، تم تعليمنا أننا كأبناء الجنس البشري أنانيون بطبيعتنا وتحكمنا الغرائز البدائية.. ولكن ماذا إذا لم يكن هذا الافتراض صحيحاً؟".

لفحص هذه الفرضية يجوب المؤلف قرابة مئتي ألف عام من التاريخ البشري، ويعتبر بعد هذه الجولة أنّ البشر طيّبون بالفطرة لهم نزعة إلى التعاون وميل إلى الثقة ببعضهم البعض، في حال نظرنا إليهم من خلال الفرضيات التي رسّختها القوالب العلمية والسياسية.

كتاب بريغمان

لا ينتصر بريغمان لإحدى الفرضيتين بشكل قاطع، إذ يرى أن الإنسان مزدوج في عمقه، طيّب وشرّير في آن، لكن الإشكالية تتمثّل في كون التاريخ والمعرفة يميلان إلى فرضية دون أُخرى بشكل جائر.

فإذا كان الإنسان مزدوجاً، فعلى المعرفة أن تكون كذلك. لم يقدّم بريغان عرضاً كرونولوجياً متتابعاً لتاريخ البشرية، ولم يذهب إلى تعداد محطاتها الكبرى المعروفة من حروب واكتشافات، ولم يعتن بقراءة أمهات النصوص والكتب، بل إن عمله ينتصر إلى "السرديات الصغيرة"؛ حكايات الناس وأخبار العلماء وجدالاتهم.

المساهمون