في عام 2017، فعَّلت "جمعية المترجمين العراقيّين" (تأسّست عام 1970)، مشروع ترجمة 100 كتاب إلى العربيّة، بدعم ذاتيّ من قبل إدارتها، حيث يسعى المشروع منذ انطلاقته إلى تنشيط الحركة الترجميّة في العراق والتي شهدت خمولًا كبيرًا، بسبب الحروب والغزو الأميركي عام 2003، وتردّي الأحوال السياسية والثقافية بعده. كما يسعى المشروع لتعريِف القرّاء بالتطوّرات الحاصلة في الآداب والفنون، واللغات الأجنبية والفلسفة والسياسة، والعلاقات الدولية وعلم اللغة والترجمة وغيرها. كما يهدف المشروع إلى ترجمة التراث العراقي مُتَمَثِّلًا بحضارة وادي الرافدين وآدابِها، والشعرِ والرواية والقصّة والمسرح والفلكلورِ، فضلاً عن الكتب التخصّصية في الترجمة إلى لغات العالم الحَية؛ من أجل تعريف العالم بآداب وتراث الحضارة العراقية.
وبرغم أنّ المشروع الذي انطلق عام 2017 كان من المأمول أن يتجاوز مئة كتاب مترجم، وينطلق إلى مشوار الألف كتاب، إلّا أنَّه واجه العديد من الصعوبات والتحدّيات بالتزامن مع الظروف المجتمعية والسياسية والثقافية التي واجهت العراق، إضافة إلى الجائحة التي عطَّلت المشروع. إلّا أنَّه وبحسب رئيس "جمعيّة المترجمين العراقيين" الباحث قاسم الأسدي الذي يقول في حديثه إلى "العربي الجديد": "إن المشروع استطاع الاستمرار وترجمة وطباعة 50 كتاباً من الكتب المُقرَّرة، وإنَّ العمل جارٍ على إكمال باقي الكتب التي تصبّ في المجالات ذاتها التي حدَّدتها الجمعية ومترجموها. حيث صدرت مجموعة من الكتب عن 'مؤسَّسة أبجد' فيما كانت المجموعة الأُخرى من إصدار 'دار عدنان' في العراق".
وتطمح الجمعيّة بحسب رئيسها إلى تنويع النشر بين الدور العراقية وفتح آفاق التعاون مع الدُّور العربية، لغرض تحقيق أفضل النتائج في وصول الكتاب إلى شتّى دول العالم. وتتولّى "الجمعية" طباعة الكتاب بالتعاون مع الناشرين، ولا تحصل على أيّ تمويلٍ من أيّ جهة رسميَّةٍ أو غير رسميّة.
لا تقتصر الأنشطة على ترجمة الكتب بل تتضمّن تدريب الكوادر
وعن الكتب الصادرة واختيارها للترجمة، يقول الأسدي لـ"العربي الجديد": "تحرص جمعيّة المترجمين العراقيين على اختيار الكتاب بعناية، إيماناً منها بضرورة رفد سوق الترجمة والنشر بالكتب الرصينة، وبهدف تعزيز الواقع الترجمي والثقافي، وهو أحد أهم أهداف الجمعية، ونسعى دائماً لترجمة الكتب التي نشعر بأنّ سوق الترجمة والنشر والقارئ العربي بحاجةٍ إليها مع شحّها في المكتبات، وعلى سبيل المثال أصدرنا في هذا المشروع سلسلة دراسات عن المسرح الياباني بكلّ أنواعه: 'مسرح النو'، و'مسرح كابوكي'، و'مسرح الدُّمى'، و'معجم مصطلحات المسرح الياباني'، وهي دراسات مهمّة جدًّا للمتخصِّصين في المسرح العالمي، ولها أهميّة في تعريف القارئ بالمسرح الياباني الذي لا يعرفه الكثيرون". ويضيف الأسدي: "أصدرنا كتبًا نفتقد وجودها في المكتبات، وهي الكتب التي تناولت التراث العراقي، مثل كتاب 'صُور بغدادية' للرحّالة الإنكليزية فريا ستارك، إضافة إلى الاهتمام بالمجال الذي تختصّ به 'الجمعيّة' وهو الترجمة، حيث صدرت عدّة كتب تخصّ الترجمة وعالمها".
وعن واقع الترجمة العراقي الذي يشهد خمولًا منذ مدّة طويلة، يقول الأسدي: "أعتقد أننا بحاجة لمواكبة حركة الترجمة في العالم العربي، ولا يخفى أن في العراق مواهب ترجمية نسعى للاستفادة منها لتعزيز الواقع الترجمي العراقي الذي لا يقلّ شأناً عن أقرانه. وتعزيزًا لدورها في تطوير حركة الترجمة، أطلقت 'جمعية المترجمين' مؤخراً دورات ترجمة للمترجمين الشباب وطلبة كليات اللغات بأقسام الترجمة كافة، ونسعى من خلالها إلى وضع المشاركين على المسار الصَّحيح، وتدريبهم وتأهيلهم بهدف رفد السوق الترجمي العراقي بالكفاءات الترجميّة التي نعتقد بأنّنا نعاني من نقص فيها".
وأصدرت "جمعيّة المترجمين" في الأسبوع الأول من شهر آب/ أغسطس الماضي أربعة كتب ضمن المبادرة، وهي: "صور بغدادية" للرحّالة الإنكليزيّة فريا ستارك بترجمة سعد الحسني، ورواية "زواج في السماء" للكاتب الروماني ميرتشا إليادة، ترجمتها عن الرومانية غيداء القاضي، و"مدارات نقديّة في الأدب" للباحث هاشم الموسوي، و"نصوص دينية سومريّة" لستيفين هيربيرت لانغدون بترجمة قاسم الأسدي. كما تستعدّ لإصدار حزمة ترجمات جديدة في الأسابيع المقبلة في محاولة لإتمام مشروع المبادرة قبل نهاية العام الحالي.