"مباهج وشجون العمل" لآلان دو بوتون: تأمّلات في الوظيفة

لم يعد اسم الكاتب السويسري - البريطاني آلان دو بوتون (1969) غريباً عن القارئ العربي، بل على العكس، إذ يمكن القول إنّه بات من الأسماء المنتظرة، والتي تُرصَد إنتاجاتُها بعناية وترقُّب. فمن جهة أُولى، لا يوفّر الكاتب جهداً في تناول الموضوعات المُباشرة والبسيطة في حيوات الناس المعاصرة، ومن جهة ثانية سرعان ما تجد تلك الاشتغالات طريقها إلى العربية من خلال الترجمة، وتنال مقداراً ليس قليلاً من الانتشار.

وكتُبه مثل "عزاءات الفلسفة" و"كيف يمكنُ لبروست أن يغيّر حياتك" و"قلق السعي إلى المكانة"، لم يكن مرورها عابراً في أوساط القرّاء، على أنّه ليس منصفاً القول عن الكاتب إنّه من تيّار الكُتّاب الذين "بسّطوا" الفلسفة، على غرار موجة "مُبسّطي العلوم"، بقدر ما أعطاها بُعداً عملانياً قريباً ممّا نعيشه.

"مباهج وشجون العمل" عنوان الترجمة الصادرة حديثاً عن "دار التنوير"، بتوقيع المترجِم الحارث نبهان. الكتاب الصادر بداية بالإنكليزية عام 2009، يتابع فيه دو بوتون تشريح مفاهيم السعادة والقلق بوصفهما حالة محايثة في يوميات الإنسان، ويربطهما بمكانة الموظّف في عمله، وهو بذلك يستكمل مشروعه في مُساءلة مظاهر الحياة الجديدة، ولماذا تستغرق تفاصيلها منّا كلّ هذا الوقت، والمآل المُركّب من الأحاسيس الذي نستشعره حيال الوظائف بين الحب والكراهية. 

ينتقل دو بوتون بين أنماط مختلفة لمفهوم الوظيفة، ويعتمد أسلوباً لا يخلو من التمثيل الطريف عن مدى تورّطنا بآليات العمل وعدم قدرتنا على الفكاك منه، كونه استحال إلى طبيعة يومية تتداخل فيها الإنتاجية والمصالح، وهذا لا يقتصر على الوظائف العادية - حسب الكاتب - إنّما يستدعي مصفوفة كُبرى يرتصف فيها عامل في مصنع البسكويت إلى جانب الفنّانين والمحاسبين وروّاد الفضاء.

أسئلة شتّى يطرحها العمل ويحاول أن يستقرِئها مثل تحقيق الذات، وماذا يُضيف إلينا العمل، وهل نستطيع أن نمارس حياتنا دونه، وأيّ شيء نفقد بفقده، وما الطموحات التي نريد أن نصلها قبل أن نتقاعد، وكلّ ما سبق هي في صُلب المشاكل والضغوطات التي يتعرّض لها الإنسان اليوم.

يُشار إلى أنّ المترجم الحارث نبهان (1961) قدّم إلى المكتبة العربية أعمالاً مختلفة، من بينها: "دروس الحب" لـ دو بوتون نفسه، و"المتخيّلات الاجتماعية الحديثة" لـ تشارلز تيلور، و"حبّ وقمامة" لـ إيفان كليما، و"فنّ اللامبالاة" لـ مارك مانسون.

آداب وفنون

التحديثات الحية

ما الذي يعنيه اليوم الرجوع إلى ماركس؟