هناك خيط ناظم بين المدن التاريخية لبلدان البحر الأبيض المتوسط، خيط يتلمّسه كتابٌ صدر مؤخّراً عن "منشورات جامعة فلورنسا" أعدّته الباحثة التونسية في التاريخ المعماري لمياء حدّة باللغتين الفرنسية والإيطالية.
يركّز العمل على تلك المدن التي لا تزال تحافظ على نواتها التاريخية مثل تونس وفاس وباليرمو وقرطبة، وهو ما يخلق ترابطاً بينها لا يمكن ملامسته إلّا من خلال معرفةٍ بالبنى الرمزية للمنطقة وفهم العلاقات التاريخية والثقافية التي تربط بين مختلف النقاط.
يستند العمل، بحسب التقديم المرفق فيه، على "بحث تاريخي وفوتوغرافي معمّق حول خصوصيات الشكل المعماري وتطوّره في هذه المدن"، ومن هذا المنطق فإن الهدف الرئيسي من الكتاب هو الجمع بين الجانبين التوثيقي والتحليلي.
يعيد الكتاب تنويعات المدن المتوسطية إلى أصل واحد: التراث العربي الإسلامي في إطاره الأوسع، ومن خلال إبراز تحوّلات المدن المدروسة يُظهر امتداد الأثر الثقافي العربي حتى مع مرور عدة قرون ودخول ثقافات أخرى بمنطقٍ معماري مختلف.
يُذكر أن لمياء حدّة تشغل حالياً موقع أستاذة تاريخ العمارة في "جامعة فلورنسا" الإيطالية، وسبق أن نشرت دراسات حول التأثّر المعماري بين تونس وصقلية، ومن مؤلّفاتها الأخرى: "الزخرفة المعمارية الحفصية: دراسة في تاريخ الفن الإسلامي بإفريقية من القرن الثالث عشر إلى القرن السادس عشر" و"عمارة القصور بين شمال أفريقيا وصقلية".