مع اقتراب الذكرى الأولى على انفجار مرفأ بيروت، تتراكم التعبيرات التي قدّمها عدد من الفنانين اللبنانين حول الواقعة التي تزامنت مع احتجاجات شملت جميع المناطق والفئات الاجتماعية ضدّ الحكم بكلّ مكوناته، واختلفت نظرتهم إليها قياساً بأحداث سابقة لا تزال تداعياتها حاضرة حتى اليوم.
يحيل الانفجار إلى أكثر من مقاربة، حيث تعيد العاصمة اللبنانية بناء ما تهدّم منها أو ما فقدته عند كل انفجار أو اقتتال داخلي، لكنها هذه المرة تحمل مخاوف أكثر بالنظر إلى تدهوّر الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، كما أن عملية الترميم المتواصلة في الذاكرة والمكان تلقي بظلالها حول دور الفن وقدرته على مواجهة العنف الذي يتعرّض إليه الفرد لأسباب متعدّدة.
حتى السابع من آب/ أغسطس المقبل، يتواصل في "غاليري تانيت" ببيروت معرض "معاً" الذي افتُتح في التاسع عشر من الشهر الجاري، ويهدف إلى إعادة الحياة إلى حيّ مار ميخائيل الذي يحتضن الغاليري، عبر تقديم سلسلة من الاكتشافات من خلال أعمال تُعرض للمرة الأولى لعديد من الفنانين المكرّسين والشباب.
وكان "تانيت" قد أطلق في آذار/ مارس الماضي دعوةً للفنانين للمشاركة في المعرض المشترك، وتمّ اختيار سبعة عشر مشروعاً من قبل لجنة التحكيم المكوّنة من زينة مسقاوي، وريتشارد هيكل، وكارينا الحلو، ونايلا كتانة كونيغ ومارك معركش.
ويضمّ المعرض أعمالاً لعدد من الفنانين اللبنانين والمقيمين في لبنان، وهم: علاء عيتاني، وبتينا خوري بدر، وكليمانس كوتارد هاشم، وكارولين تابت، وكريستيان سليمان، وكريستين كتاني، وكريستيانا دي ماركي، وإلياس نفاع، وألييش، وجان ومورو، وليتيسيا حكيم، وطارق حداد، ومنار علي حسن، وميسا الخوري، وزنويل نصر وكليف مخول، وريان رعيدي، وسارة صحناوي، وطارق مراد، وزينة أبو الحسن.
تعكس المشاركات تساؤلاً أساسياً: كيف يمكن للفن أن يُترجم التضامن والحسّ الجماعي سواءً من خلال الشعور أو الفكر أو التصرّف؟ حيث حاول الفنانون تقديم رؤاهم من خلال استخدام وسائط متنوعة مثل الرسم والتصوير والنحت والأداء والصوت والموسيقى والفن الرقمي والتركيب والتصميم.
يُشير بيان المنظّمين إلى أن "معاً" عرضٌ يعكس التعاون في جميع المجالات، من الإنتاج إلى السينوغرافيا وحتى النص والمحادثات التي تم إنشاؤها، حيث تمّ تقديمها في سبع عشرة وجهة نظر مختلفة، كما تناولت بعض الأعمال المشاركة الانقطاعات في شبكة الإنترنت خلال العام الماضي، والتي أثّرت على تواصل الناس الذين عاشوا ظروفاً صعبة في ظلّ تفشي فيروس كوورونا وتدهور الأوضاع المعيشية، أو التأثيرات النفسية نتيجة خوف اللبنانين على مستقبلهم، أو إعادة النظر في الماضي والأسباب التي قادت إلى كلّ هذا الخراب.