تتنوّع استعادات بابلو بيكاسو في معارض تضيء العديد من الجوانب في شخصيته وتجربته، مثل علاقته بالفوتوغراف أو استخدامه للورق كوسيط فني، أو تتبع الأمكنة التي تنقّل بينها وأقام فيها مراسمه، أو صداقته مع النحات السويسري ألبرتو جياكوميتي وأثرها على فنهما.
"موسيقى بيكاسو" عنوان المعرض الذي افتتح أوّل أمس الثلاثاء في مبنى "أوركسترا باريس الفلهارمونية" بالعاصمة الفرنسية، ويتواصل حتى الثالث من كانون الثاني/ يناير المقبل، ويضمّ نحو مئتي عمل فني من لوحات ومنحوتات وخزفيات ورسومات وكولاجات للفنان الإسباني (1881 - 1973).
يتوزّع المعرض على تسعة أقسام مصحوبة بصور فوتوغرافية وأفلام وأزياء مسرحية، وما يقارب من عشرين آلة موسيقية يقال إنها تخص بابلو بيكاسو رغم أنه لم يكن يعرف كيف يعزفها، حيث تم جمع العديد من العناصر لتظهر لنا مدى تأثير الموسيقى على أعماله.
على الرغم من أن الفنان لم يعرف كيف يعزف الموسيقى، إلا أنه كان ينعم بالثقافة الموسيقية، وفق بيان المنظّمين، الذي يشير إلى حضوره عروض الفلامنكو في إسبانيا ومقاهي باريس المسرحية والباليه، حتى أنه كان صديقاً للموسيقيين الفرنسيين فرانسيس بولينك وساتي وسترافينسكي وداريوس ميلود، كما أنه بناءً على طلب جوزيب أولر مؤسس "باريس أولمبيا" ومالك "مولان روج" رسم المغنية إيفيت غيلبرت عام 1901.
يركز جزء من المعرض على تحليل الآلات من حيث حجمها ورسمها ومفاهيم الفراغ والامتلاء التي تنقلها. من مندولين، وبانجو، وكمان، وغيتار، وفلوت، وكلارينيت، وإكسيليفون، وبالا، وتينورا، مع الإشارة إلى أن بابلو بيكاسو كان مهتماً في الغالب بالآلات الوترية، التي استوحاها عام 1915 لرسم سلسلة من الأعمال التكعيبية غير المعروفة وهي معروضة في قسم كامل.
ويوضّح البيان نفسه أن بيكاسو اهتمّ بالموسيقى الشعبية والجانب الطقسي والإيقاعات في السيرك، حيث يسعى المعرض إلى استكشاف الثقافة والبيئات الموسيقية التي انجذب إليها، وتأثيرها عليه في رسم لوحات مثل "كمان ومخطوطة موسيقية" و"طبيعة ساكنة على البيانو" و"امرأة مع دفّ" و"مندولين وإناء فاكهة وأذرغ رخامية"، وثلاث منحوتات بيضاء لعازفين على أنواع مختلفة من الناي.
كما أن أعماله، على اختلاف أنواعها، تزخر بالموسيقيين وراقصات الباليه، وكانت أعماله الأخيرة غنية بالشخصيات والحيوانات الميثولوجية التي تفيض طاقة وحيوية و"تصدح" بموسيقى صورية تنمّ عن مكنونات حياة الفنان.