"آه، يا كارميلا"، هو عنوان المسرحية التي كتبَها في عام 1987 الكاتبُ والمخرج المسرحي الإسباني خوسيه سانشيز سينيسترا (1940)، وعُرضت لأول مرّة في العام نفسه، لتحقق نجاحاً كبيراً في بلدٍ كان المسرح فيه محكوماً بفقر الوسائل، ومطارداً من قبل رقابة نظام الديكتاتور فرانكو، بعد حرب أهلية قاسية، ومناخ رقابة اجتماعي خانق ألغى إمكانيات التعبير كلّها.
ها هي مسرحية "آه، يا كارميلا" تعود بعد ستة وثلاثين عاماً، لتُعرض اليوم على خشبة "مسرح الفنون الجميلة"، في مدريد لغاية الحادي عشر من شهر حزيران / يونيو القادم، بنص سينيسترا نفسه، وإخراج المسرحي الإسباني خوسيه كارلوس بلازا.
تبدأ أحداث المسرحية مع عودة كارميلا، التي ماتت، ولكنّها عادت كي تزورَ زوجها باولينو، وتستعيدَ معه القصة كلّها. هكذا يبدأ الزوجان بتذكّر القصة: إنّهما ممثلان غير ناجحين، يمثلان مسرحَ منوعات في المسارح الشعبية الأكثر ابتذالاً وتواضعاً عبر المدن الإسبانية. حين يصلان إلى بلدة "بلشيت" التي احتلها الفاشيون، يضطران إلى تقديم عرض يعيد إنتاج قيم المعسكر الفاشي، ويهين السجناء الذين سيطلق النار عليهم في اليوم التالي.
عمل درامي عن المسرح خلال الحرب الأهلية الإسبانية
تعكس الشخصيتان، بشكل أو بآخر، الذل والتمرّد، فحين يفقد الزوج كرامته واحترامه لنفسه من أجل النجاة، تفضّل الزوجة الموت قبل أن تعاني مزيداً من الذل.
لا شك أن سنيسترا أراد أن يعبّر من خلال هاتين الشخصيتين عن السلطة، وحدود المسرح، ودوره في الإبقاء على الذاكرة الحيّة، فكما تقول كارميلا: "علينا أن نتحدثَ عن كلِّ ما حصل، وعن أسبابه، وعن من فعل ومن قال هذا وذاك، لأنكم أنتم الأحياء، ما إن تملؤون بطونكم، وترتدون ربطات العنق، حتى تنسون كلَّ شيء آخر".
قد يخطأ من يعتقد أن مسرحية "آه، يا كارميلا" عمل دراميّ يتحدث عن الحرب الأهلية الإسبانية فحسب، إنّها،ـ كما يعبّر سينيسترا نفسه، عملٌ درامي عن المسرح خلال الحرب الأهلية، وهذا لا يعني أنّها دراما سياسيةـ بل إنها تاريخ مأساوي دفنته الرواية الرسمية، الخنادق، القبور المشتركة، والموتى الذين لا يجدون مكاناً لأرواحهم.