مرثية إلى أحمد الصيّاد
نادو،
أنا ذاهبٌ لوداعٍ
الطيورُ المهاجرةُ تُدركني
الغيومُ تتَباطأُ فوقي
القطاراتُ الراحِلةُ والعائدةُ تُصَفّر بي
العابرون بخطىً عجلى يتلفّتونَ نحوي
العشاقُ الذين لا ينظرونَ إلى أحدٍ
يُطيلونَ التحديقَ بي
والمدينةُ تغطُّ في نومِ خرائبَ
خسرتْ ماضيها..
أنا ذاهبٌ لوداع..
ليَ الصوتُ الهادرُ الذي لا يسمعهُ سواي
لي المسافةُ التي توقّفتْ عن الجري
وراء عقرب الساعة
لي كيمياءُ الوقتِ يصيرُ تُراباً
لي الغيابُ الذي يتناسلُ في الغياب
ولي نجمةٌ في الضباب
أنتِ..
أنا ذاهبٌ لوداع
أسمعُ الأشجارَ تَهذي.
الأرصفةُ تتنفّسُ
المصباحُ يرتعدُ كجسدٍ عارٍ
الحدائقُ أرْديّةٌ خلّفتها وراءها ليالٍ غاربة
الطرقُ تعودُ أدراجَها كالسلالم،
للمارّةِ عينٌ واحدةٌ
وفي منيو المطعمِ
الأرنبُ
الذي قطعَ أمامي في الغابة.
أنا ذاهبٌ لوداع
لن أصلَ إلى حيث وصلَ
سأقفُ على حافة زجاجٍ لامرئيّ
أنظرُ إلى وراءٍ هو أمامٌ
إلى عيونٍ تحفرُ في الترابِ كالأظافر
وقطراتِ مطرٍ تتلألأ
قشعريرةً أولى في جسدِ الرُخام
أطلُّ على كلِّ ما لا يُرى
وأنحني كذراعٍ مبتورةٍ
في وداعٍ…
* شاعر عراقي مقيم في باريس