عام 1965، وضع الكاتب والناشط المغربي إبراهيم أخياط (1941 – 2018) برنامجاً لمحو الأمية ركّز جهوده على الأمازيغ الذين يسكنون مدينة الرباط قادمين من مناطق مختلفة في المغرب، بهدف مساعدتهم على الاندماج بالوسط المديني؛ تلك هي الخطوات الأولى التي أنضجت مشروعه الثقافي والحقوقي في مرحلة لاحقة.
وبعد مرور عامين، ساهم مع نخبة أمازيغية من خريجي الجامعات المغربية آنذاك، ومنهم أحمد بوكوس، وبوجمعة هباز، وأحمد بونفور، وعلي الجاوي، وعبد الفاضل الغوالي، وأحمد أكواو، في تأسيس "الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي" التي يعبّر اسمها عن بعدها الوطني، في تأكيد على أن الأمازيغية قضية وطنية تهمُّ جميع المغاربة وليس فئة دون غيرها، لتثبّت هذه المقولة في دستور 2011، الذي دُوّن في فصله الخامس "تُعدّ الأمازيغية أيضاً لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيداً مُشتركاً لجميع المغاربة، بدون استثناء".
"إبراهيم أخياط: مسار نضالي من أجل الهوية الأمازيغية" عنوان المعرض الذي افتُتح في التاسع من الشهر الجاري في مؤسسة "أرشيف المغرب" بالرباط، ويتواصل حتى العشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
تُعرَض البيانات والمحاضرات التي ألقاها الراحل والنقاشات التي شارك فيها دفاعاً عن الثقافة واللغة الأمازيَّغتَين
تُعرض مجموعة من الصور والوثائق التي تؤرّخ سيرة الراحل في نصف قرن، بدءاً من سنوات عمله في التعليم خلال ستينيات القرن الماضي، حيث تشمل البيانات والمحاضرات التي ألقاها، والورشات التدريبية التي أشرف عليها والحملات الإنسانية التي أدارها، والنقاشات التي شارك فيها ودارت بين السياسيّين والنشطاء والفاعلين في الدفاع عن الثقافة واللغة الأمازيغتَين، وصولاً إلى ترسيخهما جزءاً من الدستور المغربي.
يقف المعرض عند محطّة بارزة تتمثّل بدعوة "الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي" التي ترأّسها أخياط إلى "دستور ديمقراطي" عام 2002، والسجالات التي خاضها من أجل تكريس المساواة اللغوية، ورأى أنها خطوة حقيقية نحو بناء مجتمع ديمقراطي حداثي.
كما يستعيد نضالات أخياط الذي آمن بأن تعزيز اللغة الأمازيغية هي الوسيلة الوحيدة لتجسير الفجوة الثقافية، وأيٍّ من أشكال التمييز اللغوية، وكان ذلك في مرحلة مبكّرة، حيث حرّر رسالة لمدير الإذاعة والتلفزة عام 1966، مُطالباً فيها بتخصيص ساعة كاملة للأمازيغية في التلفزة الوطنية.
يضيء المعرض مؤلّفات الراحل ومنها: "تابرات.. الرسالة" (1992)، و"لماذا الأمازيغية؟" (1994)، و"رجالات العمل الأمازيغي: الراحلون منهم" (2004)، و"الأمازيغية هويتنا الوطنية" (2007)، و"النهضة الأمازيغية كما عشتُ ميلادها وتطوّرها" (2012).