في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات السياسية والنقدية والسيرة والمذكرات السياسية وعلم البيولوجيا والفلسفة والرواية.
■ ■ ■
عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، صدرت ترجمة كتاب "المجتمع العقابي" للفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو بتوقيع نصير مروة. يضمّ العمل 13 محاضرة ألقاها فوكو في "كوليج دو فرانس" عام 1973، تبحث في الطريقة التي تشكَّلت بها العلاقات بين العدالة والحقيقة التي تحكم القانون الجنائي، والرابط بينها وبين نظام عقابي لا يزال يهيمن على المجتمع المعاصر، كما يُقدّم تحليلاً للحرب الأهلية؛ حيث يرى فيها مثالاً أو وسيلة تجعل ممكناً فهم طريقة عمل الاستراتيجية العقابية التي يكون هدفها العدوّ الداخلي أكثر منه المجرم.
"مذكّرات مجلّي النصراوين: على دروب البعث، 22 سنة في السجون السورية" عنوان كتاب صدر عن دار "الأهلية"، من إعداد وتحرير عبد الله مطلق العسّاف. يستعرض الكتاب سيرة السياسي والمحامي الأردني (1939)، التي تعكس مرحلة المدّ القومي، منذ انتسابه إلى "حزب البعث" في الخمسينيات، حيث اعتقلته السلطات الأردنية عدّة مرّات، وأصبح عضواً في القيادة القومية للحزب عام 1966، ولعب أدواراً عدّة؛ منها سعيه لتسوية الصراع داخل "البعث" سنة 1970، لكنه اعتُقل بعد انقلاب حافظ الأسد بسبب موقفه المعارض للأخير، وقضى 22 عاماً في السجن.
لأستاذ علم الإحاثة توم تشافين، صدر حديثاً بالإنكليزية، عن "منشورات بيغاسوس"، كتاب "الأوديسة: تشارلز داروين شاباً، ذي بيغل والرحلة التي غيّرت العالم". يعود المؤلّف إلى رحلة الـ"بيغل" التي قام بها عالم البيولوجيا البريطاني عام 1831 ووصفها في كتاب أصدره عام 1839، ويفصّل مذكّرات رحلته التي حملت اسم السفينة التي أقلّته، وزار خلالها مناطق عدّة في أميركا اللاتينية وجنوب أفريقيا وأستراليا، حيث وضع خلالها ملاحظاته حول تصنيف الكائنات وتكاثرها الجنسي واللاجنسي، والتي قادته إلى تطوير نظريته حول الانتخاب الطبيعي.
"التخلّي عن الأدب" عنوان الكتاب الصادر للكاتب والناقد المغربي عبد الفتاح كيليطو عن "دار المتوسّط"، وفيه يُتابع صاحب "والله إنّ هذه الحكاية لحكايتي" رصد مسارات إشكالية بين حقول الكتابة والأدب من خلال عشرين نصّاً كُتبت بطريقته المعهودة في القفز والوثب، إلى جانب انفتاح مدوّنته على قوس من الإنتاجات الأدبية تُراوح في مرجعيّاتها بين أسماء أدبية عالمية وتراثية مثل بورخيس، وثيربانتس، والمعرّي، وليس انتهاءً برولان بارت، وغيرهم. كما ينشغل كيليطو في هذا العمل بموقع الآخر، ويحاول الوصول إليه عبر رحلة بحثية.
للكاتب الكيني نغوغي وا ثيونغو، تصدر قريباً عن "دار روايات" ترجمة رواية "أحلام في حقبة حرب: سيرة الطفولة" بترجمة ريوف خالد. ينطلق المؤلّف من وعدٍ قطعه لأمّه بأن يُصبح شخصاً متعلّماً، لكن كيف لطفل أن يثبت على هذا العهد في ظلّ الحرب العالمية الثانية، وفي ظلّ العيش ببلد مُستعمَر، ليتحوّل العهد إلى مغامرة سردية يطّلع القارئ من خلالها على نشأة التعليم النظامي، والمدارس المستقلّة في كينيا. وبهذا تصبح المذكّرات شهادةً على الحق في الحلم، ودور والدته في أن يصبح ابنها واحداً من كبار كتّاب القارّة الأفريقية.
بترجمة مبارك مرابط، صدرت عن "منشورات الجمل" النسخة العربية من رواية "الشاب" (2022)؛ أحدثِ كُتب آني إرنو (1940)، الروائية الفرنسية الحائزة على "جائزة نوبل للأدب" هذا العام. تستعيد إرنو في هذا النصّ القصير، الذي يقع ــ كأعمال أُخرى لها ــ في منطقةٍ بين الرواية والسيرة الذاتية، علاقةً عاطفية جمعتها، قبل سنوات، بشاب يصغرها بثلاثين سنة؛ وهو طالبُ أدب كان يُراسلُها طالباً لقاءها، فتدخل معه في علاقة دامت أربع سنوات. تقول إرنو في مطلع الكتاب: "إن لم أكتبها، لا تبلغ الأشياءُ مداها وتظلّ مجرَّد أشياء عشتها".
بتوقيع أنور الشامي، صدرت عن "دار الكرمة" الترجمة العربية من كتاب "روبنسون كروزو المسلم" لعبد الرحمن عزّام، والذي يروي قصّة البرتغالي فيرناو لوبيز الذي أبحر مع جيش بلاده إلى الهند عام 1506، لكنّه اعتنق الإسلام هناك، وتزوَّج مسلمة، وحارب أبناء بلده، قبل أن يُقبَض عليه ويُجدع أنفُه وتُقطع يده اليمنى بتهمة الخيانة، ويوضع على متن سفينة كي تعيده إلى البرتغال، لكنّه يغادرها في جزيرة سانت هيلانة المهجورة. من مؤلّفات عزام: "مملكة البهجة: حكايات جلال الدين الرومي"، و"صلاح الدين وإعادة إحياء المذهب السنّي".
"الحرب الباردة الجديدة" عنوان النسخة العربية من كتاب الباحث اللبناني جلبير الأشقر، والتي تصدر قريباً لدى "دار الساقي" بترجمة عمر الشافعي. ينطلق الكتاب من التحذيرات التي أُطلقت ربيع هذا العام من وقوع حرب باردة ثانية، بالتزامن مع اجتياح روسيا أوكرانيا، وما ترتّب على هذا الاجتياح من انقسام المشهد السياسي الدولي بين روسيا والصين وحلفائهما، وبين أميركا والمعسكر الغربي وحلفائهما. يتساءل أستاذ الدراسات الشرقية والأفريقية في "جامعة لندن": ماذا بعد أوكرانيا؟ وكيف يمكن أن تبدو ملامح عالمٍ أكثر سلاماً؟
عن "منشورات فرنسا الجامعية" في باريس، صدر حديثاً كتاب "فلسفة باسكال: مبدأ القلَق" للأكاديمية الفرنسية، المختصّة بفلسفات القرن السابع عشر، لورانس دوفيلار. يأتي العمل قُبيل بدء الاحتفاء، في الأوساط الفكرية الفرنسية بالذكرى المئوية الرابعة لولادة الفيلسوف الفرنسي بليز باسكال (1623)، الذي تقدّم المؤلّفة مدخلاً عامّاً لفكره، تأخذ من مسألة القلق ــ بما يعنيه من شقاء وتفكير بالوجود ــ خيطاً ناظماً له، وتقرأ من خلاله رؤية صاحب "الأفكار" إلى مفاهيم الأمل والخيبة واللهو وغيرها من المفاهيم الوجودية التي عالجها.