في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دُور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية، ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المُترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أُولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين البحوث التاريخية والدراسات الاجتماعية والفلسفية والكتابة الأدبية، والترجمات.
■ ■ ■
عن "منشورات نادي الكتاب"، تصدر هذه الأيام النسخة العربية من كتاب "الإسلام والسببيَّة والحرّية: من العصر الوسيط حتى العصر الحديث" لأستاذ الدراسات الإسلامية والفلسفة أوزغور كوجا، بترجمة إياس حسن وأحمد م. أحمد. يدرس المؤلّف رؤية الفلاسفة والمتصوّفة وعلماء الكلام المسلمين لمفهوم السببية وأثره في علاقة الله بالبشر والطبيعة، من منتصف القرن الثامن إلى منتصف القرن العشرين الميلادي. من الأسماء التي تناولها الكتاب: ابن سينا وابن رشد والغزالي وفخر الدين الرازي والسهروردي وابن عربي وملّا صدرا الشيرازي وسعيد النورسي.
في كتاب "الصوفية من القلب: رحلة من الأندلس إلى مكة" الصادر عن "دار ألموزارا" الإسبانية، يحاول الباحث الإسباني مانويل فيرنانديز مونيوز اجتراح طريقة تُغيّر الخوف حبّاً، والعقاب رحمةً، والنسيان ذاكرةً. ثم بعد ذلك ينتقل إلى الطريق الروحي الذي يصل بالذات الإلهية. هنا تحديداً يتعمّق الباحث في مفهوم الجسد والقلب، فإذا كان الإسلام هو الجسد، على حدّ تعبيره، فإنّ قلبه هو الصوفية، ولهذا فإنّ كلّ نبضة قلب هي اتّحاد مع الذات الإلهية. الكتاب رحلة في الجسد والقلب، لكنه أيضاً رحلة تبدأ في الأندلس وتنتهي في مكة والمدينة.
"منهج النظر الحضاري في قضايا الأمّة: قراءة في فكر طارق البِشري" عنوان الكتاب الصادر في مجلّدين، بتحرير الباحث إبراهيم البيومي غانم وإشراف الباحثة نادية مصطفى، عن "الدار المغربية للنشر والتوزيع". يستعرض الكتاب المنهج الفكري للمستشار المصري (1933 - 2021) على مستويات عديدة كالفقه والقانون والسياسة، وكيف استطاع التأثير بأجيال من المُشتغلين في هذه الحقول المعرفية داخل وخارج مصر، كما يتضمّن عروضاً لأبرز ما كُتب عن البِشري من رسائل وتآليف في العربية وغيرها من لغات، بالإضافة إلى شهادات عنه من شخصيات كانت مقرّبة منه.
صدر عن "منشورات جامعة ييل" كتاب "لماذا تسقط الإمبراطوريات: روما وأميركا ومستقبل الغرب" للباحثَين البريطانيَّيْن بيتر هيذر وجون رابلي. يستكشف الكتاب أوجُه التشابه والاختلافات بين روما القديمة والغرب الحديث، في لحظة تاريخية حَرِجة تعقب أكثر من ثلاثة قرون من الهيمنة الغربية، بينما تُواجه أوروبا والولايات المتّحدة اليوم ركوداً غير مسبوق في الاقتصاد، وانقساماً سياسياً داخلياً حول مفاهيم أساسية ترتبط بالحرية والأُسرة وإدارة الحُكم، كما يجد الغرب نفسه في انحدار سريع مُقارنة بالمُحيط العالمي الذي استعمره في السابق.
بمناسبة ذكرى رحيله الأولى، صدر عن "ميسلون للثقافة والترجمة والنشر" ديوانٌ شعريّ للمسرحي والكاتب السوري غسان الجباعي (1952 - 2022)، بعنوان "أنامُ على حجر". وإلى جانب النصوص التي كان صاحب "أصابع الموز" (1994) قد وقّعها قبل رحيله، تضمّن الكتاب أيضاً كلمات من أصدقائه: رغدة الخطيب، وأحمد قعبور، وحاتم التليلي، وهزار الحرك، وآخرين. من أجواء الديوان نقرأ: "مَن سمّاك نيليّاً/ وشطّطَ في رؤاك/ مَن سمّاك غصناً يابساً في الدرب/ لمّا رآك عارياً/ والدرب عارٍ من خُطاك/ من سمّاك عصفوراً على حجر/ وخبّأ طلقة في حُجرة النار".
في الكتابات التي لا حصر لها عن إيران، يغيبُ الإيرانيون. أولئك الذين ليسوا سياسيّين ولا نجوم سينما ولا معارضين. أولئك الذين تقابلهم في الشارع أو في المتجر أو في سيارة الأجرة. أولئك تحديداً لا نعرف شيئاً عنهم. تحاول الكاتبة والمترجمة السورية ندى الأزهري في كتابها "عربيّة في إيران: الإيرانيون كما لم نعرفهم"، الصادر عن "دار الساقي" أن تقدّم لنا صورة عن الإيرانيين: كيف يتصرّفون ويفكّرون؟ ممّ يخافون؟ ماذا يحبّون؟ وكيف يُظهرون ذلك؟ تجارب وملاحظات وذكريات ترويها الكاتبة خلال رحلاتها واستقرارها لسنواتٍ أربع في طهران.
"نصائح إلى المُترجِمين" عنوان كتاب أعدّه الباحث العراقي كاظم خلف العلي، وصدر عن "أبجد للترجمة والنشر والتوزيع"، وفيه جُملةٌ من القواعد تعني المُشتغلين في الترجمة على مختلف أنواعها: الأدبية والعِلمية والقانونية والفورية والتعاقبية، ضمن مروحة من اللغات لا تقتصر على الإنكليزية وحسب، بل تشمل لغاتٍ أُخرى كالفرنسية والكوردية والفارسية والإيطالية والإسبانية. يُشارك في الكتاب خمسة وسبعون مترجماً من العراق وبُلدان عربية عديدة، منهم: أبو بكر العيادي، ومحمد حسن علاوي، وسعيد الغانمي، وحسن سعيد غزالة، وبثينة الناصري.
ما هو الوقت؟ قد يُغرقنا هذا السؤال بالخجل. حاولت الفيزياء أن تقيس الزمن ووضعت نظريات مُختلفة تعرّفنا بموجبها على الوقت الذي يُدير عالمنا، لكنّها لم تستطع تحديده. كذلك فشلت الفلسفة، عندما لجأت إلى وعي الزمن، لكنّها لم تخبرنا شيئاً عن الوقت نفسه. يحاول الفيلسوف الفرنسي فرانسيس وولف في كتابه "وقت العالم"، الصادر عن "منشورات فايارد"، أن يقدّم إجابات جديدة على أسئلتنا الكلاسيكية: هل الماضي موجود أم أنه مجرد شبح من الذاكرة؟ لماذا لا رجعة في الوقت؟ وهل يجب أن نتخيّل الوقت كسَهم يُشير إلى المستقبل أم كنهر يعود إلى الماضي؟
"التعليم الدامج لذوي الإعاقتين: البصريّة والسمعيّة" عنوان كتاب صدر للباحث جورج الخوري عن "ترشيد التربويّة" في "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات". يُقدّم الكتاب مادّة مرجعية تتسلسل من التعريفات إلى المقاربة القانونيّة لماضي التعامل مع ذوي الإعاقة البصرية والسمعية وحاضره، مُستعرضاً تجارب مختلفة من البيئات وإمكانيات الوصول في المدرسة، والطرائق المُمكنة لإدماج ذوي الإعاقتين، من خلال تقديم المادة التدريسيّة إلى الطلاب جميعاً في الصفّ الواحد، وبالطريقة نفسها، وبالتعديلات الضروريّة لتقريب المعلومات والمفاهيم.
بترجمة أحمد فاروق، صدر كتاب "لدى بناء سور الصين وكتاباتٌ أُخرى من التركة الأدبية: الكرّاسات الثماني والشذرات"، عنوان الكتاب الصادر عن "منشورات الجمل"، بترجمة إلى العربية أنجزها أحمد فاروق، استناداً إلى النسخة الأصلية المكتوبة بخطّ يد الكاتب التشيكي فرانتس كافكا. تُمثّل الكرّاساتُ وثيقة مهمّة على مرحلة حاسمة في علاقة كافكا بالكتابة والحياة. ورغم طبيعتها الشذرية، فقد كانت أساس مجموعة "طبيب الأرياف" التي نُشرت في حياته، وأيضاً لتأمّلات وجودية تكثّفت في شكل شذرات بعد اكتشاف إصابته بداء السلّ ودنوّه من الموت.
عن "دار الرافدين"، صدر الجزء الأوّل من كتاب "إمّا- أو" للفيلسوف الدنماركي سورن كيرككورد (1813 - 1855)، بترجمة قحطان جاسم، والذي يُشير، في تقديمه، إلى أنّ هذا العمل يمثّل الأساس لفهم فلسفة كيرككورد وتصوُّراته الفكرية والجمالية والدينية والنقدية في كُتبه اللاحقة، مُضيفاً أنّه لا يمكن فهم عالم وحياة كيرككورد من دون فهم علاقته العاطفية بريجينا أولسن (1822 - 1904) وما تركته من تأثير كبير فيه، رغم أنّ ذلك لا يعني انعكاسها انعكاساً فوتوغرافياً مباشراً، بحيث يجري إيجاز محتويات النصّ و تفاصيله الفكرية والأدبية بهذه القصّة.