في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دُور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية، ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المُترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أُولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين البحث الاجتماعي والدراسات السياسية والترجمات الأدبية والرواية والقصة القصيرة.
■ ■ ■
"عين شمس 1995 وهزائم أُخرى"، عنوان كتاب للمُخرج المصري باسل رمسيس صدر عن "الكتُب خان". ينتقل العمل بين بلدان في ثلاث قارّات: من مصر؛ حيث يتناول فيها، مثلاً، الوجه "السياسي" المجهول لجيل التسعينيات المعروف بالانصراف عن السياسة، وقصّة صعود واضمحلال أحياء الطبقة المتوسّطة الجديدة، والتقلّبات الاجتماعية في قاهرة الثمانينيات والتسعينيات، إلى السودان؛ حيث يروي قصّة جيل جديد يستلهم ذكرى الطيّب صالح، وإسبانيا بين حقبتَي فرانكو والعهد الديمقراطي، وكوبا بين زمن كاسترو وغيفارا واليوم، وفرنسا؛ حيث يُضيء قصصاً عن الهجرة السرّية.
صدرت رواية "قاموس ماتشياو" للكاتب الصيني هان شاو غونغ، عن "منشورات تكوين"، والتي أنجزت ترجمتها يارا المصري. تحاول الرواية إظهار أنّ الكلمات ليست مجرّدَ رموزٍ دلالية، وأن القاموس حتى لو بدا مُحايداً، فإنَّه من مكان إلى آخر، يصبحُ تأصيلاً لأشكال الحياة لدى الناس ومداركهم وانحيازاتهم. من كلمة المترجمة نقرأ: "إن كنتَ تعتقد أن كلماتٍ مثل 'تبدَّد' أو 'طعام' أو 'أهلية' لها دلالةٌ موحّدةٌ حتى داخل الصين نفسِها، فإنَّ قراءة 'قاموس ماتشياو' ستعيدُك من الكلمات إلى الحياة، كما لو كنَّا نخترع الكلمات لأوّل مرّة".
عن "دار العائدون للنشر"، صدرت طبعة جديدة من الأعمال القصصية للراحل غالب هلسا. يتضمّن الكتاب مجموعتَي "وديع والقدّيسة ميلاه وآخرون" و"زنوج وبدو وفلّاحون"، حيث ألّف الروائي الأردني (1932 - 1989)، المجموعة الأولى بعد انتقاله إلى مصر سنة 1955، لكنها صدرت بعد حوالي ثلاثة عشر عاماً، وانتهى من الثانية سنة 1957، ولم تُنشَر حتى سنة 1976. تُشكّل القاهرة عوالم المجموعتين، ما عدا ثلاثة نصوص سيعود فيها إلى مسقط رأسه؛ قرية ماعين بالقرب من مدينة مأدبا الأردنية، ويُقارب البنية الاجتماعية والاقتصادية للدولة الأردنية الناشئة.
يعدُّ مفهوم الثقافة ملازماً للعلوم الاجتماعية، وهو ضروريّ للتفكير بوحدة البشرية، بشكل يختلف عن التفكير المستند إلى عوامل البيولوجيا. كما يُقدّم هذا المفهوم أكثر الأجوبة إقناعاً عن سؤال الفارق بين الشعوب، لأن الجواب "العِرقي" نقصت قيمته مع تطور علم الوراثة. يوضّح كتاب "مفهوم الثقافة في العلوم الاجتماعية"، للباحث الفرنسي دوني كوش، الصادر عن "دار نينوى" بترجمة قاسم المقداد، أن الثقافة لا تُتيح للإنسان التكيّف مع بيئته فحسب، بل تمكّنه من تكييف البيئة وفقاً لحاجاته، وبالتالي يُصبح تغيير الطبيعة مُمكناً.
"القراءات الخطرة: القوة المؤثّرة للأدب في الأزمنة المضطربة"، عنوان كتاب الروائية الإيرانية آذر نفيسي، الصادرة طبعته العربية عن "دار الجمل"، بتوقيع المترجم: متعب فهد الشمري. تقدّم صاحبة "أن تقرأ لوليتا في طهران" (2003)، في هذا الكتاب دلائل على قوة الأدب، انطلاقاً من رسائل افتراضية كتبتها عامَي 2019 و2020 إلى والدها الراحل منذ أكثر من عشر سنوات. يُناقش العمل أهمية الأدب في عصر تُحارب فيه الأيديولوجيات الشمولية الكتابة والكتّاب، وتعرض الصلة بين الصراع السياسي والطريقة التي نلتقي فيها بأعدائنا عبر الخيال.
صدرت رواية "بلاص ديسكا" للكاتب التونسي محمد عيسى المؤدّب عن "دار مسكلياني للنشر". تعود الرواية إلى فترة الحرب العالمية الثانية لدى ثلاث شخصيات رئيسية؛ الأولى حمودة بن إسماعيل الذي يرجع إلى تونس بعد طول غربة في باريس، وجليلة التي عاشت داخل قصر الباي وتحتوي ذاكرتها على العديد من الأسرار والأحداث التي شهدها القصر آنذاك، وإيفيت التي تستدعي تفاصيل هجرتها إلى صقلية في الجنوب الإيطالي، لتعكس ذاكرتها وقصصها الشخصية مجموعة من التحوّلات البارزة التي عاشتها تونس في تاريخها المعاصر عشية الاستقلال وتأسيس الجمهورية.
عن "دار صفحة 7"، صدرت الطبعة العربية من كتاب "سيمفونية داروين التي لم تكتمل" لعالِم الأحياء البريطاني كيفن لالاند، بترجمة جلال العاطي ربي. يَعتبر المؤلّف أنّ غياب إجابة عن سؤال: كيف نشأت القدرات المعرفية والاجتماعية والثقافية التي تُميّز الجنس البشري عن غيره؟ يجعل من نظرية التطوُّر غير مكتملة. يُحاول العملُ سدّ الفجوات التي اعترت التاريخ التطوُّري، بغية فهم الكيفية التي ظهرت بها اللغة والعلوم والفنون، استناداً إلى دراسات تجريبية في مجال التعلّم الاجتماعي عند الحيوانات وتحليلات مستوحاة من نظرية الألعاب التطوّرية.
على مدار مئتي عام، كان المشروع الكبير للأممية الليبرالية يتلخّص في بناء نظام عالمي مفتوح، ومُوجَّه بشكل رئيسي نحو ما يُسمّى بـ"الأفكار التقدّمية". يمرّ هذا المشروع، اليوم، بأزمة عالمية، حيث يتعرّض للتهديد من قبل المنافسين غير الليبراليين خارج المركز الغربي، أو من قبل الحركات الشعبوية الموجودة داخله. يقدّم كتاب "عالم آمن من أجل الديمقراطية" الصادر عن منشورات "ييل" للباحث الأميركي جون إيكنبيري، أول وصف كامل لرحلة الأممية الليبرالية الطويلة من جذورها في القرن التاسع عشر إلى اللحظة السياسية المُمزقة التي نعيشها اليوم.
"أخلاقيات المياه: مقاربة القيَم لحلّ أزمة المياه"، عنوان كتاب للباحث ديفيد جرونفيلدت، تصدر ترجمته العربية هذه الأيام عن "خطوط وظلال" بتوقيع عبد النور خراقي وعبد الرحيم فاطمي. يضيء الكتاب الوظيفة المحورية التي تؤدّيها الأخلاق في إدارة المياه بينما يشهد العالَم احتباساً حرارياً. يُشير الباحث إلى قدرة القيَم الأخلاقية على فضّ النزاعات التي قد تنشب حول هذه المادة الحيوية التي بدأت تنفد، وترسيخ نظام عادل لإدارة المياه، مُعتبراً أنّ ذلك لن يتأتّى من دون فهم عميق لمضمون القيم الأخلاقية المسخَّرة في سياسات المياه.