ضمن نزعة اتجهت إلى تصوير الواقع الاجتماعي بصياغة تنحو إلى رمزية، والتي طغت على أعمال العديد من التشكيليين المصريين في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، تأثراً بالأفكار السياسية السائدة آنذاك، قدّم كمال يكنور لوحاته الأولى.
استمدّ الفنان التشكيلي المصري (1925 – 2000) زخارف ومفردات من الفنون والعمارة الإسلامية، سواء في التقنيات المستخدمة أو الموضوعات المختارة أو عناصر تكوين العمل، إلى جانب توظيفه عناصر الثقافة الشعبية وأساطيرها ورموزها التي تمتّد لآلاف السنين.
حتى الحادي عشر من الشهر الجاري، يتواصل في "مركز كرمة بن هانئ الثقافي" بـ"متحف أحمد شوقي" في القاهرة المعرض الاستعادي " كنوز يكنور" الذي أقيم عند السادسة من مساء أمس الأربعاء، ويضمّ أعمالاً مختارة من تجربة الفنان الراحل التي امتدّت لأكثر من أربعة عقود.
يضمّ المعرض رسومات يغلب عليها أسلوب تعبيري في تصوير الحياة اليومية في الريف المصري، يقدّمها في طبقات لونية متعّددة تعكس عمقاً في المشهد وغنى في تكوينه، وتُظهر تموجات ونتوءات تشبه النحت البارز في أبعاد ثلاثية.
يبرز يكنور في لوحاته العلاقات اللونية والإيقاع الحركي الذي تشكّله المساحات والأشكال والخطوط المتقاطعة، ما منح أعماله ديناميكية في تكوينها من خلال لقطات عديدة تعكس ذلك، منها عروس النيل ورقصات الأرياف.
تظهر في لوحة معروضة عروسة المولد، أحد الطقوس الشعبية التي تعود إلى العصر الفاطمي ممتزجة بموتيفات إسلامية وأشكال هرمية مع رموز كالحصان وما يحيل إلى دلالات تتصل بالقوة والشجاعة والفروسية العربية، وكذلك القط بما يعنيه من معان في الثقافة المصرية تتصل بالقوى الخارقة والتفاؤل وغيرها، إضافة إلى النخيل وغيرها من المفردات.
وتمثّل المرأة في بعض الأعمال تجليات لعروس المولد "التميمة الشعبية" التي تدلّ على البهجة والسعادة، وهو يرسم نساءه الريفيات في محاكاة لعروس المولد، إلى جانب النقوش والكتابات التي تتجاور في لوحات مع رسوماته ومنها لفظ الجلالة وبعض العبارات الدينية بأبعاد صوفية.
في تقديمه المعرض، يقول الناقد وليد قانوش: "رصدت وسجلت لوحاته الهوية والشخصية المصرية بأسلوب معاصر عكس شخصيته الفنية التي حملت طابعاً مميزاً في الخطوط والألوان والمعالجات البصرية للتكوين والشخوص والقيم التشكيلية بشكل عام".