استمع إلى الملخص
- تشجع الأكاديمية الطلبة والفنانين على الانخراط في ممارسات فنية تنبع من قراءات نقدية للفن والمؤسسات الثقافية في التعامل مع التحولات الاجتماعية والثقافية، مما يعكس جهودها في تحفيز التغيير الإيجابي والمقاومة الثقافية.
- يتضمن برنامج الأكاديمية ورشات عمل تغطي مواضيع مثل "تركيبات مادية وغير مادية" و"تأملات في التفكير محلياً"، تهدف إلى تجاوز الثنائيات السائدة وتقديم نظرة نقدية على التفكير المحلي، معززةً من قدرة الفن على المساهمة في تشكيل مستقبل المقاومة والتغيير الاجتماعي.
بعد دورة العام الماضي التي خُصّصت لاستكشاف دور الصوت بوصفه وسيطاً فنّياً تحت عنوان "بريكولاجات صوتية"، تُخصِّص "أكاديمية دارة الفنون الصيفية" دورتَها لهذا العام، والتي تُقام بين 23 حزيران/ يونيو الجاري و31 تمّوز/ يوليو المقبل تحت عنوان "معالم الخروج: استقراء مسارات التغيير"، لموضوع دور الفنّ في الاستجابة للتحوُّلات الناجمة عن المطامع الاستعمارية المتجدّدة.
يُشير تقديم الأكاديمية الصيفية، التي تُنظّمها "دار الفنون" في جبل اللويبدة بعمّان منذ عام 1999، إلى أنّ "منطقتنا تعيش سلسلة من التحوّلات والتغييرات التي طالما كانت جزءاً حيّاً من تاريخ صراعنا ضدّ القوى الاستعمارية الاستيطانية وقوى الاستعمار العالمية، وما ينتج عنها من انقسامات وتمزُّقات في نسيجنا الاجتماعي وبيئاتنا وتضاريسنا، وواقعنا ككلّ. ولا تزال تفرض هذه القوى اليوم تهديدات غير مسبوقة على المنطقة بأشكال وسياقات مختلفة، ممّا يدفعنا لمواجهة هذه التحوّلات وما يترتّب عليها".
ممارسات فنّية تنطلق من قراءات نقدية لدور المؤسّسات الثقافية
وكانت "دارة الفنون" قد حدّدت نهاية أيار/ مايو الماضي موعداً نهائياً للتقدّم لأكاديميّتها الصيفية؛ حيث دعت لطلبة الفنون والباحثين والفنانين على اختلاف تخصّصاتهم ووسائطهم الفنّية، كالفنون البصرية وفنون الصوت والفنون الأدائية والموسيقى وصناعة الأفلام، للاندماج في ممارسات فنّية تنطلق من قراءات نقدية للدور الأوسع للفنّ وللمؤسّسات الثقافية والفنية في الاستجابة للتحوّلات الناجمة عن المطامع الاستعمارية المتجددة، ولإعادة تقييم الممارسات المعرفية والأنظمة الثقافية والعادات المرتبطة بها، بالإضافة إلى التفكير في الأساليب والطرق التي من الممكن أن تلعب دوراً في تحقيق حالة من الثبات والمناعة على المستويَين الفردي والجماعي ضمن معالم متحوّلة وأُخرى ناشئة.
ويُقدم برنامج الأكاديمية الصيفية في دورته الجديدة "مزيجاً بين الأطر المفاهيمية والنظرية والعملية، من خلال سلسلة من ورشات العمل التي تستكشف منهجيات مختلفة ووجهات نظر متنوّعة ونماذج تعلُّم بديلة؛ حيث لا ينحصر توجه البرنامج لهذا العام في مساءلة الممارسات الراسخة وحسب، بل في التمعّن في كيفية إعادة صياغة وتحويل هذه الممارسات بشكل فعّال".
يتوزّع برنامج الدورة الجديدة بين ثلاث مساقات/ ورشات؛ الأوّل بعنوان "تركيبات مادية وغير مادية" من تيسير المعماريَّين والباحثين ندي أبو سعادة ووسام العسلي، ويستكشف ممارسات البناء على المستويَين النظري والعملي من خلال سلسلة من الجلسات التجريبية التي تبحث في العلاقة بين المواد والتحوّلات المجتمعية بمفهومها الأوسع؛ حيث تهدف الورشة إلى "تجاوز الثنائيات السائدة في ممارسات البناء والخطابات المرتبطة بها، مثل الحداثة والتراث، والمحلّي وغير المحلّي. عوضاً عن ذلك، تتعمّق الورشة في الخصائص الظرفية للمواد وتطرح تساؤلات حول الأدوار التي تلعبها ضمن الظروف المجتمعية السائدة والتحوّلات المحتملة".
وتحت عنوان "تأمّلات في التفكير محلّياً"، يطرح المساقُ الثاني، الذي ييسّره الناشط المجتمعي ومخرج الأفلام والباحث عمر حميدات، سؤالاً عن الفروقات بين التفكير المنبثق من القواعد المجتمعية والتفكير المؤسساتي أو الأكاديمي أو المراكزي، في محاولة لتقديم نظرة نقدية على التفكير ضمن النطاق الواقع المحلّي، وكيف يمكن أن يُعيد تشكيل علاقاتنا بالسياقات والممارسات على اختلاف مستوياتها وأوجهها، مجتمعياً وأكاديمياً وثقافياً وفنّياً واقتصادياً.
وتهدف الورشة إلى "التفكير جماعياً في الدور المحلّي وأبعاده، وخصوصاً فيما يتعلّق بالعمل المنبثق من القواعد المجتمعية كأحد أدوات المعرفة الواعية التي من شأنها أن تمكّننا من فهم وقراءة الإشارات من حولنا، وبالتالي التعامل مع المتغيّرات المحيطة بنا".
أمّا المساق الثالث والأخير، فيُقام بعنوان "من فات قديمه تاه"، ويتطرّق فيه الفنّان نور عبد إلى كيفية التعامل مع المعرفة الشعبية في تطوير نماذج اجتماعية تعبيرية بديلة في فلسطين؛ حيث تتناول الورشة الموروث الشعبي من حكايات وأغاني وشائعات كمصادر جامعة للمعرفة المتجذّرة ضمن السياق المحلّي للمقاومة، من خلال التمعن في أمثلة فنّية متنوّعة من أفلام وقراءات وتمارين تُركّز على نهج "إعادة التعلم" من منطلق الأرشيفات والمحطّات التاريخية الهامشية وغير المعروفة على نطاق واسع، بهدف ربطها بتفاصيل اللحظة الراهنة واستشراف قدرتها على تشكيل تصوُّر جديد لمعنى المقاومة اليومية.