في خريف 2010، أعلنت "مديرية الثقافة" في مدينة معسكر، غربي الجزائر، عن "الشروع قريباً" في إنجاز متحف وطني باسم الأمير عبد القادر الجزائري (1808 - 1883)، قائلةً إنّه سيكون "منارةً عِلمية وتاريخية وثقافية، تُسلّط الضوءَ على تاريخ مؤسِّس الدولة الجزائرية الحديثة وقائد المقاومة الشعبية، والمراحل التي عرفتها الجزائر بين 1830 و1962"، وإنّه "سيحتوي مختلف المراجع والوسائل التي استعملها في تسيير شؤون الدولة ومقاومة الاستعمار الفرنسي".
كان مقرّراً أن يُشرَع في إنجاز المتحف عام 2011، لكنّ ذلك تأجَّل إلى 2014، قبل أن يُعمَد إلى تجميد المشروع برمّته بسبب "عدم توفُّر الموازنة المالية الكافية". في خريف 2018، بدا أنّ هذه المشكلة في طريقها إلى الحلّ، مع إعلان مُحافِظ معسكر السابق محمّد لبقى أنّ التجميد سيُرفَع "قريباً"، ليُشرع (قريباً أيضاً) في بناء المتحف الذي خُصّصت له قطعة أرضية في حي سيدي سعيد تزيد مساحتها عن عشرة آلاف متر مربَّع.
كما تحدّث المسؤول الجزائري عن إنجاز مكتبتَين تخصّان تراث مؤسِّس الدولة الجزائرية الحديثة؛ الأُولى قرب موقع "الزْمالة" التاريخي في بلدية سيدي قادة؛ حيث قاد الأمير معركةً ضدّ جيش الاستعمار الفرنسي عام 1843، والثانية قرب "زاوية سيدي محيي الدين" في بلدية القيطنة؛ مسقطِ رأس الأمير عبد القادر.
تذكِّر قصّة متحف الأمير بمشروع الفيلم السينمائي الذي يتناول سيرته
لم يُنجَز أيّ شيء من ذلك. وخلال زيارتها إلى ولاية معسكر التي أحيت قبل أيام الذكرى التسعين بعد المائة لمبايَعة الأمير، أَعلنت وزيرة الثقافة الجزائرية صورية مولوجي رفعَ التجميد عن مشروع المتحف رسمياً، مُضيفةً أنّه جرى الانتهاء من دراسة المشروع، على أن تنطلق أشغال إنجازه "خلال السنة المقبلة".
وبايعت قبائل وأعيان الغرب الجزائريّ الأميرَ عبد القادر على الإمارة والجهاد، للمرّة الأُولى، في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 1832 تحت شجرة دردار في سهل "غريس" بمنطقة معسكر، ولقّبته "ناصر الدين". وكان الأمير، حينها، في الرابعة والعشرين من عمره. أمّا الثانية، فكانت في الرابع من شباط/ فبراير 1833 في المسجد المسمّى حالياً "جامع سيدي الحسان".
من جهة ثانية، أعلنت مولوجي أنّ وزارتها ستقوم بتهيئة وترميم "مسجد المبايعة"، وأيضاً السور القديم لزمالة الأمير، حيث قالت إنّ لجنةً مختصّة ستُعاين هذا الموقع الأثري، بغرض إعداد تقرير عنه. وشُيّدت "الزْمالة" (العاصمة المتنقّلة) سنة 1841، بعد احتلال الجيش الفرنسي لمدينة معسكر، وهي تضمّ سوراً قديماً ومكتبة قديمة، إلى جانب قرابة ثمانين شجرة زيتون غُرست في عهد الأمير الذي خاض مقاومةً شعبية ضدّ الاستعمار الفرنسي طيلة سبعة عشر عاماً (1830 - 1847).
تذكّر قصّة المتحف بالفيلم السينمائي الذي يتناول سيرة الأمير عبد القادر، فقد أُعلن عن التحضير لإنجازه قبل أكثر من عقد. لكن لم تُصوَّر لقطةٌ واحدة منه، رغم أنّه استهلك قرابة 12 مليون دولار أميركي، قبل أن يطلب الرئيس الحالي عبد المجيد تبّون، في 2019، إعادة بعث المشروع، ويوقّع مرسوماً في 2021 لإنشاء مؤسَّسة تقتصر مهمّتها على إنتاج وتوزيع واستغلال الفيلم الموعود.