فجأةً، ومن دون سابق إشعار في بعض الأحيان، راحت التظاهُرات الثقافية تتلاحق في الجزائر مع اقتراب العام الحالي مِن خواتيمه، حتى بدا آخرُ أشهره مزدحماً بالمهرجانات والملتقيات والعروض المسرحية والسينمائية والمعارض التشكيلية والفوتوغرافية بشكلٍ لم تعرفه سائرُ أشهر السنة العجفاء التي شهدت، مثل سابقتها، تأجيل أو إلغاء عددٍ غير قليل من الفعاليات بسبب الجائحة.
أبرزُ الفعاليات الفكرية خلال كانون الأوّل/ ديسمبر الجاري كان يوماً دراسياً نظّمته، في الرابع منه، "المكتبةُ الرئيسية للمطالعة العمومية بركات سليمان" في مدينة عنّابة، شرق البلاد، بالتعاوُن مع "الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية"، بعنوان "محمد أركون: مسيرة فكرية - المنابع والمحدِّدات والتجلّيات"، وأضاء المشاركون فيه على مسيرة وأعمال المفكّر الجزائري الراحل (1928 - 2010).
واحتضنت "جامعة عبد الحميد بن باديس" في مستغانم (غرب)، يومَي الخامس والسادس، ملتقىً بعنوان "امْحمّد صافي المستغانمي: مسار ومنجزات"، تضمّن 42 ورقةً قدّمها باحثون من الجزائر وتونس وموريتانيا وسورية والعراق وقطر والإمارات، تطرّقوا فيها إلى إسهامات اللغوي الجزائري في علوم اللغة العربية.
وتحت عنوان "الثورة من أجل استقلال الجزائر وفكر فرانز فانون"، أُقيم في العاشر من الشهر نفسه لقاءٌ علمي في "المكتبة الوطنية الجزائرية" بالجزائر العاصمة، تناوَل أبعاداً مُختلفة مِن فكر ونضال المفكّر والطبيب المارتنيكي (1925 - 1961)، وعلاقته بالثورة الجزائرية (1954 - 1962).
تلاحقت التظاهرات الثقافية مع اقتراب السنة من نهايتها
وفي "المكتبة الوطنية"، أُقيم أيضاً يومَي الثالث عشر والرابع عشر منتدىً بعنوان "الترجمة الأدبية والتاريخية في الجزائر.. واقع وآفاق"، بمشاركة مترجمين وأكاديميّين مختصّين في الأدب والتاريخ والترجمة، وشهد تكريم الكاتبَين والمترجمَين الجزائريَّين جيلالي خلاص وأحمد بن محمد باكلي.
ونظَّم "متحف ناصر الدين دينيه في مدينة بوسعادة (جنوب)، يومَي الرابع عشر والخامس عشر، ملتقىً وطنيّاً بعنوان "فلسفة فن التصوُّف وسؤال القيَم"، تناوَل المشاركون فيه، ضمن مواضيع أُخرى، تجربةَ التصوُّف عند الأمير عبد القادر الجزائري (1808 - 1883)، والرسّام الفرنسي ألفونس إتيان دينيه (1861 - 1929) الذي استقرّ في بوسعادة عام 1905، قبل أن يُعلن إسلامه ويُغيّر اسمه إلى ناصر الدين عام 1913.
ضمن هذه الفعاليات التي تحمل بُعداً استعادياً، تُختَتم اليوم في مدينة وهران (غرب) فعاليات الدورة الأولى من "أيام وهران الأدبية"، والتي انطلقت الثلاثاء الماضي بحضور قرابة ثلاثين كاتباً وباحثاً سيتناولون أعمالَ الأكاديمي والباحث في السوسيولوجيا الثقافية، الحاج ملياني (1951 - 2021)، الذي رحل في حزيران/ يونيو الماضي.
وقبل ذلك، استضافت المدينةُ معرضاً للكتاب التاريخي أُقيم في "المتحف الوطني أحمد زبانة" بين الثامن والسادس عشر، ضمن الاحتفال بذكرى مظاهرات 11 كانون/ الأوّل/ ديسمبر 1960. أمّا في تيارت (غرب الجزائر أيضاً)، فاستضافت "جامعة ابن خلدون" في الثاني عشر من الشهر الجاري ملتقىً دولياً بعنوان "اللغة العربية: رهانات وآفاق".
وبالعودة إلى مدينة مستغانم، تحتضن الأخيرةُ خلال هذا الشهر، إلى جانب "ملتقى امْحمّد صافي المستغانمي"، ثلاث تظاهُرات ثقافية أُخرى: الأُولى هي "المهرجان الوطني للشعر الملحون" الذي أُقيمت دورته الثامنة بين السادس عشر والحادي والعشرين في "دار الثقافة ولد عبد الرحمن كاكي"، بمشاركة قرابة ثلاثين شاعراً، إضافة إلى عددٍ من الأكاديميّين والباحثين، والثانية هي "المهرجان الوطني لشعر الشباب" الذي أُقيمت دورتُه الرابعة في الفضاء نفسه بين الثامن عشر والثاني والعشرين، بمشاركة قرابة سبعين شاعراً، والثالثة هي "أيّام حديدوان لمسرح الطفل" الذي انطلقت دورته الثالثة يوم الثلاثاء الماضي وتستمرُّ حتى التاسع والعشرين من الشهر الجاري في "المسرح الجهوي الجيلالي بن عبد الحليم"، بالتزامن مع العطلة الشتوية.
لكن، وفي الوقت نفسه يغيب عن المدينة أبرزُ مهرجاناتها الثقافية، متمثّلاً في "المهرجان الوطني لمسرح الهواة"، والذي أعلنت إداراته، قبل أيّام، فتحَ باب المشاركات أمام الفرق المسرحية لدورته الثالثة والخمسين، محدِّدةً نهايةَ آذار/ مارس مِن العام المقبِل كآخر أجلٍ لاستلام الترشيحات، ما يعني تأجيل الدورة مُجدَّداً، مثلما حدث العام الماضي.
شهد العام الحالي تأجيل أو إلغاء كثير من المهرجانات
في الفنّ الرابع دائماً، عادت "الأيام الوطنية لمسرح القليعة" مجدّداً هذا العام، بعد غيابها في 2020؛ حيثُ أُقيمت فعاليات دورتها الخامسة والعشرين في "دار الثقافة أحمد عروة" بالمدينة الواقعة في ولاية تيبازة غرب الجزائر العاصمة بين الثاني والسادس من الشهر الجاري، واحتضنت "دار الثقافة رشيد ميموني" في مدينة بومرداس (وسط) بين السادس والحادي عشر فعاليات الدورة الأُولى مِن "الأيام الوطنية لمسرح الشباب" بمشاركة ثماني مسرحيات من وهران ومعسكر والبُلَيدة وأدرار وتيزي وزّو وورقلة وبرج بوعريرج، بينما أُقيمت بين الخامس عشر والتاسع عشر في مدينة الجلفة (جنوب)، فعاليات الدورة العاشرة من "الأيام المسرحية للجنوب"، بمشاركة سبعة أعمال مسرحية تُعرَض في "دار الثقافة أحمد بن بوزيد".
وفي "دار الثقافة التخّي عبد الله بن كريو" في مدينة الأغواط (جنوب)، تتواصل حتى التاسع والعشرين من الشهر الجاري فعاليات الدورة السادسة من "أيام المونودراما الأفريقية"، والتي انطلقت أوّل أمس الأربعاء بمشاركة عروض من الجزائر وتونس وليبيا ومصر والبنين.
من جهة أُخرى، انطلقت سلسلة عروضٍ لمسرحية "خاطيني" للمخرج أحمد رزّاق في الخامس عشر من الشهر الجاري واستمرّت حتى أمس الخميس في عددٍ من المدن الجزائرية. وقبل ذلك، استضاف "المسرح الوطني الجزائري محيي الدين باشطارزي" في الجزائر العاصمة، في الحادي عشر منه، العرض الأوّل لعملٍ كوميدي كوريغرافي بعنوان "عرض النجوم" للمخرجة فايزة معمري، وهو مقاربةٌ جديدة لمسرحية وليم شكسبير "روميو وجولييت". وفي "أوبرا الجزائر بوعلام بسّايح" بالجزائر العاصمة، قدّمت جمعيةُ "كازا باتاس" في الخامس من هذا الشهر عرضاً في موسيقى الفلامنكو بعنوان "نحو الأرض".
في الجانب المتعلّق بالتراث المادّي وغير المادّي، نظّمت وزارة الثقافة في "قصر الثقافة مفدي زكرياء" بالجزائر العاصمة، يومَ الخامس مِن الشهر الجاري، فعاليةً بعنوان "تويزة موروث ثقافي بين الإرث والممارسة"، ونظّم "المتحف الوطني للزخرفة والمنمنمات وفنّ الخط"، يومَي السادس والسابع، في الفضاء نفسه، ملتقىً دراسياً حول "حفظ وترميم الممتلكات الثقافية"، ونظّمت "جمعية النبراس" في "دار الثقافة هوّاري بومدين" في مدينة سطيف (شرق)، يومَي الثامن والتاسع، الدورة الثانية من "ملتقى جازية للحكاية الشعبية" تحت عنوان "تنوُّع المحكي في المأثور اللامادي الجزائري"، واحتضنت مدينة جانِت (جنوب) بين الحادي عشر والسادس عشر فعاليات الدورة الأُولى من تظاهرة تراثية باسم "أقنان أكالين" (عبارةٌ أمازيغية تعني تراث بلادي).
تشكيلياً، استضافت "دارُ الثقافة أبي راس الناصري" في مدينة معسكر (غرب)، بين الثامن والتاسع، الدورةَ الرابعة عشرة من "الصالون الوطني للفنون التشكيلية عبد القادر قرماز"، بمشاركة قرابة مئة لوحةٍ لفنّانين من 22 ولايةً جزائرية، وفي "دار الثقافة محمد الشبوكي" بمدينة تبسّة (شرق) أُقيمت بين الرابع عشر والسادس عشر الدورة الثالثة عشرة من "الصالون الوطني للفن التشكيلي"، بمشاركة ثمانين فنّاناً مِن ستّ عشرة ولاية جزائرية. وفي "غاليري الطاووس" بالجزائر العاصمة، يتواصل منذ الرابع من الشهر الجاري وحتى غدٍ السبت معرضٌ للتشكيلي البارز نور الدين شقرون بعنوان "استبطان".
وتحت شعار "نحو عالمية فنِّ المنمنمات"، استضاف "قصر الثقافة عبد الكريم دالي" في مدينة تلمسان (غرب)، بين السادس عشر والتاسع عشر، الدورة الحادية عشرة من "المهرجان الدولي للمنمنمات وفنون الزخرفة". واستضافت المدينةُ، أيضاً، بين الأحد والخميس الماضيَين، الدورة الثالثة عشرة من "الصالون الوطني للفنون التشكيلية"، والتي أُقيمت في "دار الثقافة عبد القادر علولة" بمشاركة ستّين تشكيلياً.
وبين الثاني والعشرين والسادس والعشرين، أُقيمت في "رياض الفتح" بالجزائر العاصمة فعاليات الدورة الثالثة عشرة من "مهرجان الجزائر الدولي للشريط المرسوم"، بمشاركة عدّة بلدان؛ من بينها تونس التي تحلّ ضيفَ شرف عليها.
سينمائياً، أُقيمت بين الأوّل والسابع مِن الشهر الجاري، تظاهُرة بعنوان "أسبوع الفيلم القصير" مِن تنظيم "المركز الجزائري لتطوير السينما"، وشهدت عرضَ ستّة أفلام سينمائية قصيرة لمخرِجين جزائريّين شباب؛ هي "بوملّة" لمحمد يزيد يطو، و"شبشاق ماريكان " لأمال بليدي، "وينا" لأرزقي العربي، و"طفل الجزائر" لحكيم طرايدية، و"الوالدين" لخلاف معوشي، و"سيعود" ليوسف محساس. وقد أُقيمت العروض في مُدن الجزائر ووهران وقسنطينة وتيزي وزّو وبجاية وتلمسان وسيدي بلعبّاس وبشّار وسوق أهراس وعنّابة.
وفي الخامس والسادس من الشهر نفسه، أُقيمت في "قصر الثقافة عبد الكريم دالي" بتلمسان فعاليات الدورة السابعة من "أيام تلمسان لسينما الهواة"، بمشاركة 16 فيلماً سينمائيّاً بين متوسّط وقصير.
وفي "دار الثقافة مولود قاسم نايت بلقاسم" بتيسمسيلت، غرب البلاد، أُقيمت بين العاشر والثالث عشر فعالياتُ الدورة الثالثة مِن "الأيام الوطنية للفيلم القصير"، والتي شهدت عرض 21 فيلماً روائياً قصيراً لمخرجين هواة، وتنظيمَ ورش ومحاضرات ومعرضاً لمعدّات التصوير القديمة، وآخر فوتوغرافيّاً حول الثورة التحريرية في المنطقة، بينما احتضنت "دار الثقافة مالك حدّاد" في قسنطينة، شرق البلاد، بين الحادي عشر والثالث عشر، فعاليات الدورة الثانية من "أيام قسنطينة للفيلم القصير"، بمشاركة 21 عملاً تناول معظمُها الثورة التحريرية، واحتضنت "قاعة قروز" في بشّار، جنوب البلاد، بين الإثنين والخميس الماضيَين، فعاليات الدورة السادسة من "الأيّام الوطنية للفيلم القصيرة، بمشاركة اثني عشر فيلماً سينمائياً.
وبعد توقّفه العام الماضي، عاد "المهرجان الوطني لأدب وسينما المرأة" في دورته الرابعة التي أُقيمت بين الحادي عشر والسادس عشر في "دار الثقافة" و"سينما دنيا زاد" بمدينة سْعيدة (غرب)، بمشاركة عددٍ من الكتّاب والسينمائيّين.
وفي "دار الثقافة محمد بوضياف" بمدينة عنّابة (شرق)، انطلقت السبت الماضي فعاليات الدورة الرابعة عشرة من "أيام عنابة للفيلم القصير" واستمرّت ليومَين بمشاركة عشرين فيلماً من عشر ولايات جزائرية.
وبين الثاني عشر والرابع عشر، احتضنت قاعة السينماتيك في الجزائر العاصمة الدورة الأولى من "أيام الفيلم النرويجي"، والتي شهدت عرض ثلاثة أفلام روائية طويلة؛ هي "خيار الملك (2016) لـ إيريك بوبيه، و"كون- تيكي" (2012) لـ جواشيم رونينغ وإيسبان سانبيرغ"، و"صونيا ذا وايت سوان" لـ آن سيويتسكي.
وفي الجزائر العاصمة دائماً، قُدّم في العاشر من الشهر نفسه العرض الأوّل لفيلم "الحياة ما بعد" (2021)؛ أُولى تجارب أنيس جعّاد (1974) الروائية الطويلة بعد ثلاثة أفلام قصيرة. وكانَ ذلك بدايةً لسلسة عروض في عددٍ من الولايات تستمرُّ حتى الخميس المقبل (23 كانون الأوّل/ ديسمبر). بعدها بيوم واحد، احتضنت "قاعة السينماتيك" في الجزائر العاصمة العرض الأوّل للفيلم الروائي القصير "فوبيا" للمخرج إسلام قروي (1990)، وهو عملٌ من عشرين دقيقةً ينتمي إلى سينما الرعب. وبين العاشر والخامس عشر منه، عُرض في "السينماتيك" و"المعهد الثقافي الفرنسي" وثائقي "جزائرهم" للينا سوالم، والذي تستنطق فيه ذاكرة جدّها وجدّتها المغتربَين في فرنسا، واللذان انفصلا عن بعضهما بعد زواجٍ دام أكثر من ستّين عاماً.