بعد مرور ثمانين عاماً على ربيع 1940، يستعيد متحف التحرير "ليبراسيون" في باريس، التراجيديا التي عاشها ثمانية ملايين إنسان في باريس فرّوا في الطرقات هرباً من تقدّم الجيوش الألمانية، من خلال معرض فوتوغرافي وثائقي يقام حالياً ويتواصل حتى 13 كانون الأول/ ديسمبر المقبل.
من بداية أيار/ مايو إلى منتصف حزيران/ يونيو 1940، ألقى ثلاثة أرباع الباريسيين بأنفسهم على الطرقات، حملوا أغلى وأهم ما أمكنهم أن يحملوا وفرّوا في فوضى، انهارت معها هياكل المجتمع. اتخذت هذه الحركة نحو جنوب أو غرب فرنسا أبعادًا من الهجرة الجماعية، وكانت ذكريات الناس عن الحرب العالمية الأولى ما زالت حية ولم يرغبوا في أن يعيشوا نفس الكابوس.
تظهر الصور والشهادات، التي يعرضها المتحف وتتاح للجماهير لأول مرة، الطرق مزدحمة بالسيارات والدراجات، والأشياء التي تتراكم على عجل. ينتشر الذعر بين السكان، من الأغنياء إلى الفقراء تاركين المدينة شبه مهجورة.
تتبّع الصور رحلة الباريسيين إلى بيوت ريفية أو ببساطة إلى بيوت تضمن أكبر مسافة ممكنة من الألمان، في حركة ذعر تشبه ما شاهده العالم في أماكن مختلفة من العالم، حيث أن المعرض يسلط الضوء على محنة اللاجئين وهشاشة المؤسسات.
ينصب التركيز هنا على تجربة جماعية تتكوّن من ملايين القصص الفردية، وتمزج الباريسيين مع الفرنسيين الآخرين والبلجيكيين واللوكسمبورغيين. بالاعتماد على أفلام وشهادات ورسومات - خاصة رسومات الأطفال، ويتعمق المعرض في هذه الفترة من التاريخ، ليكشف ما هو إنساني ومشترك في مثل هذه اللحظات حيث لا صوت إلا صوت الحرب.
من جهة أخرى، أجرى القائمون على المعرض مقارنة مع عاشته العاصمة الفرنسية عند انتشار أخبار الحجر المنزلي بسبب كورونا، حيث خرج نحو 1.7 مليون شخص في 48 ساعةمن العاصمة إلى منازل بعيدة أو مع عائلة في الريف.
ودفعت صور محطات القطارات المزدحمة والاختناقات المرورية والمتاجر المغلقة والشوارع الخالية الكثيرين إلى رؤية أوجه تشابه مع الهجرة الجماعية في زمن الحرب، حيث المرء في مواجهة الخوف وعدم اليقي، فإن غريزة الهروب هي الأقوى ومعظم سكان باريس من أصول ريفية أو لديهم منازل في بلدات بعيدة عن المدينة.