انطلاقاً من حقول الزعتر البرّي ومن كل ذرة تراب وما تجسّده من تجذر في الأرض الفلسطينية، قرّرت المخرجة والمنتجة الفلسطينية جمانة مناع، المستقرّة في برلين، أن تعود لكي تحكي قضية قد توجد في كل مكان، لكنها في فلسطين تتخذ معنى مختلفاً.
هكذا كان فيلمها "اليد الخضراء" (2022)، الذي منحه فريق تحكيم "مركز السينما العربية"، المؤلَّف من 193 ناقداً عربياً، وعالمياً جائزة أفضل فيلم وثائقي في الدورة السابعة من مسابقة الأفلام العربية لعام 2023، التي يقيمها المركز كل عام.
يتناول الفيلم قضية الكفاح اليومي للمُزارعين الفلسطينيّين، بوجه ما يُسمّى "سلطات حماية الطبيعة" التي اختلقها الاحتلال الإسرائيلي، ليُصادر حقّ الناس في أراضيهم، من خلال قانون يمنع جمع الزعتر البرّي، فرضه عام 1977، ثم أردفه بآخر يشمل العكوب عام 2005، بحجّة حمايتها من الانقراض.
يُمكن وصف العمل بأنه تفكيك لسياسات الهندسة الاستعمارية، بما تتضمّنه من مراقبة للأراضي، وعزل منتوجاتها عن أصحابها الأصليين. خاصة بعد أن تتّضح الغاية من ذلك المنع الإسرائيلي، التي تهدف إلى دفع الفلسطينيين لشراء ما تُنتجه المستوطنات الاستعمارية التي يزرعها كبؤر سرطانية.
تحضر الجغرافية الفلسطينية في العمل بقوّة، فالجبال والتلال والسهول المُغتصبة هي من أبطال الشريط لا شكّ. في حين يظهر من يُسمَّون "حرّاس البيئة" كشرطة أمنية هدفها المراقبة والمنع وجباية الغرامات من "المُخالفين"، ضمن سياق يدّعي فيه الكيان الاستيطاني بأنه يُمثّل "القيم الحداثوية" التي تضع البيئة في مركز اهتماماتها.
يُبرزُ الشريط (60 دقيقة) الوظيفة الاجتماعية التي تستبطنها مهمّة جمع هذه الأنواع من الأعشاب، ففضلاً عن دورها الغذائي الرئيسي على المائدة الفلسطينية، تقوم أيضاً بخلق علاقات اجتماعية بين القاطفين والقاطفات، وتعرّف الأهالي بعضهم على بعض ضمن مساحة طبيعية مفتوحة، وهذا أكثر ما يخشاه الاحتلال.
أما بالنسبة لفئة الأفلام الروائية الطويلة، فقد فاز الفيلم العراقي "جنائن معلقة" للمخرج أحمد ياسين الدراجي، ويروي المجازر التي شهدتها بعض المناطق العراقية منذ سنوات.