استمع إلى الملخص
- ارتقى يحيى في الحرب مع 12 من بناته وأحفاده، وكان طيب القلب وصاحب نهفات، حيث أخبر الكاتب عن تجاربه مع الجن.
- تحولت الأحراش التي كانت متنزههم الطبيعي إلى صحراء بسبب الجرافات، وذكريات يحيى تبقى جزءاً من حياة الكاتب.
الله يرحمك يا جار يحيى. عشنا طفولتنا ومراهقتنا مع بعضنا البعض، في الحواري والأحراش. وكان الأخير، عكس الأُولى، جنّة فقراء المخيّم، وأهمّ المساحات الخضراء الأكثر عزلة والأكثر شهرة، على مستوى الجيب الساحلي.
كنّا نصطاد العصافير والسحالي والورل، ونسرق من ثمار البيّارات. كنّا نفعل كلّ شيء إلّا الشيء الذي أتينا من أجله: المذاكرة.
لقد وصلني خبره اليوم: ارتقى في هذه الحرب، مع 12 من بناته وأحفاده، وهو نازح داخل الخيمة في مواصي رفح.
كان طيّب القلب مثل الصباح الباكر في القرى. وكان صاحب نهفات. ذات يوم، عام 1977، أخبرني أنه مخاوي جنّية. وبعد أشهر، أخبرني أنه يعاني من جنّ يحاولون قسره على ممارسة الحُبّ معهم! كنّا وكانت الأحراش الممتدّة من رفح لدير البلح متنزّهنا الطبيعي. ثم جاء إباديّو الطبيعة بجرّافاتهم العملاقة وتلمودهم، ومسحوه عن ظهر نبتة، في فواتح ثمانينيات القرن العشرين. وها هو يحيى يرتقي فوق نفس التراب، بعد أن أصبحت الأحراش صحراء من الرمال، لا تردّ برداً ولا قيظاً.
سقا الله سذاجة ورخاء تلك الأيام التي لا تُعوّض. الأيام التي كانت نسغ ما أنا عليه اليوم...
سقا الله ذكريات الجار الغالي، الذي كبر وعاش وأنجب مقاتلين أشداء بلا شبيه.
* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا