على صِغَر حجمها، تشكّل مدينة آرل (نحو 50 ألف نسمة) فضاءً ثقافياً مهمّاً في جنوب فرنسا، حيث تُعَدّ من أبرز المدن في أوروبا على مستوى التصوير الضوئي، بفضل معهد التصوير فيها ومهرجانها "لقاءات الفوتوغراف" الذي يُعَدّ الأوسع في "القارّة العجوز" ضمن هذا المجال، وكذلك بفضل مهرجانها الموسيقي "الجنوب بصيغة الجمع"، واحتضانها لبرامج ترجمة أدبية تُعَدّ من الأبرز على مستوى البلاد.
وتستضيف مؤسّسة "أطلس"، عبر "المعهد الدولي للمترجمين الأدبيين" التابع لها، العديد من المترجمين بين الفرنسية ولغاتٍ أُخرى، ضمن إقامات تُخَصّص لهم بشكل فصلي أو سنوي، تتخلّلها لقاءات وحوارات حول مشاغل الترجمة واللغات وتعريف للجمهور بأعمالهم.
في مقرّها بآرل، تفتتح "أطلس" يومَ غد الجمعة النسخة التاسعة والثلاثين من تظاهُرتها "جلسات الترجمة الأدبية"، والتي تستمرّ حتى الأحد المقبل، الثالث عشر من الشهر الجاري، بمشاركة العديد من المترجمين والباحثين والكتّاب والفنانين.
تتمحور هذه النسخة حول مسألة "ترجمة الموسيقى"، حيث تتوقّف أغلب فعاليات البرنامج عند العلاقة بين هذين الفنّين أو هاتين اللغتين الفنّيتين، كما في المحاضرة التي تلقيها يوليا ماريتشي سيولي، بعد ظهر السبت، بعنوان "ترجمة الشعر بقافية... أو من دون قافية"، أو تلك التي يُلقيها، بعد ظهر اليوم نفسه، مارتان بينيه تحت عنوان "تاريخ مقتضَب للأغنية المترجمة".
وللترجمة من اللغة العربية نصيبٌ في هذه النسخة من "الجلسات"، حيث يشارك فيها عددٌ من المترجمين من العربية إلى الفرنسية، مثل أستاذ الأدب العربي في "جامعة بروكسل الحرّة" كزافييه لوفّان، الذي يتحدّث عن عمله في النقل بين الضاد ولغة موليير ضمن ورشة جماعية تُقام صباح السبت. ووقّع لوفّان ترجمات عدّة، من بينها "الضوء الأزرق" لحسين البرغوثي، وروايات لعبد العزيز بركة ساكن، إلى جانب ترجمته لمختارات من الشعر العربي القديم، وتأليفه أعمالاً نقدية مثل "الربيع العربي والأدب".
كما يُشارك أيضاً المترجم إيمانويل فارليه، الذي يتحدّث صباح السبت حول "دخول (عالَم) الترجمة... والبقاء فيه"، منطلقاً من تجربته في الترجمة من العربية، حيث سبق له أن نقل أعمالاً لسليم بركات وجمال الغيطاني وجبّور الدويهي وغيرهم، وأشرف، بين 2012 و2016، على القسم العربي من سلسلة "إطار أخضر" لدى منشورات "سوي" الفرنسية.