استعاد الباحث والموسيقي العراقي حسين الأعظمي (1952) طفولته حيث انتمى إلى نادي حيّه الأعظمية في المصارعة الحرّة، وواصل تدريبه حتى منتصف سبعينيات القرن الماضي، وذلك في حديثه ضمن جلسة افتراضية نظّمها "فضاء المحطّة" بعنوان "المقام العراقي، إرثنا الموسيقي".
وأوضح أن أحد الأصدقاء نصحه آنذاك بالالتحاق بـ"معهد الدراسات النغمية" وقسم الموسيقى بـ"كلية الفنون الجميلة" في بغداد، وكان لوالده دور في تشجيعه على حفظ المقامات التي توارثها عن عائلته التي حظيت بمكانة دينية، وتعلّم في المعهد أصول غناء المقام والعزف على آلة "الجوزة" (آلة شعبية وترية) إلى جانب دراسته للغناء الغربي وآلة الكمان مدّة سنتين.
وتوقف صاحب كتاب "المقام العراقي بين طريقتين: دراسة موسيقية لفترة الصراع خلال القرن العشرين" عند عام 1974 حين التقى المطرب العراقي محمد القبانچي (1904 - 1989)، وغنّى أمامه في المعهد قصيدة البهاء زهير التي يقول فيها "نهاك عن الغواية ما نهاكا/ وذقت من الصبابة ما كفاكا/ وطال سراك في ليلِ التصابي/ وقد أصبحت لم تحمد سراكا/ فلا تجزع لحادثة الليالي/ وقل لي إن جزعت فما عساكا" على مقام الحجاز، فجاء ردّ القبانجي "الطالب حسين أمل ومستقبل المقام العراقي"، موصياً إدارة المعهد بالاهتمام به.
واستذكر الأعظمي كيف اختاره الملحن العراقي منير بشير (1930 – 1997) عندما أسس فرقته التي أراد من خلالها إحياء التراث وفق رؤية عصرية، والذي ترك على يديه المصارعة نهائياً حين قال له: "اتركها وأريك العالم كله"، حيث رافقه وقتها في حفلتين بتونس وإيطاليا.
وانتقل بعدها إلى الحديث عن خصوصيات المقام العراقي التي تختلف عن الأغنية الحديثة التي تعكس ثقافة الفرد في المجتمع؛ بسبب أنها لا تتعدى أن تكون تجارب فردية، وفي وقت زمني محدد، بعكس التراث الذي يعكس ثقافة المجتمع كله، على مدى التاريخ، ثم تطرّق إلى قراءات القرآن وصوت الأذان والشعائر الدينية التي تؤدى وفق المقامات على الفطرة من دون دراسة، مستشهداً بأداء المقرئ الحافظ خليل إسماعيل (1920 – 2000).
الأعظمي الذي حاز درجة الدكتوراه في الموسيقى من "الجامعة الأميركية" عام 2015، لفت إلى أن ناظم الغزالي مطرب مقام بامتياز، حيث أدى المقامات بأسلوب فني جديد بنزعة رومانسية، واستطاع أن يوصل الأغنية العراقية إلى العالم العربي، مبيناً أنه تأثّر في طريقة غنائه بالغزالي إلى جانب القبانجي ويوسف عمر (1918 -1986).
يُذكر أن حسين الأعظمي أصدر العديد من المؤلّفات، من بينها: "المقام العراقيّ ومبدعوه في القرن العشرين - دراسة تحليليّة لأبرز مبدعي المقام"، و"المقام العراقي بأصوات النساء"، و"الطريقة الزيدانية في المقام العراقي وأتباعها"، و"أفكار غناسيقية"، و"حكايات ذاكرة صورية"، و"المقام العراقي إلى أين؟"، إلى جانب أدائه مقطوعات على تنويعات المقامات العراقية العشرة، ويقدّم على إيقاعاتها أغاني عدة مثل "يا قهوتك عزاوي"، و"اليدري يدري"، و"فوق النخل"، و"زوروني كل سنة مرة" و"ألا يامن"، و"يامن لعبت به الشمول"، و"ما ألطف الشمائل"، و"هالليلة حلوة"، و"منك يا الأسمر"، و"مدت مواشطها"، و"كل لحظة أمر عليك".